أقام مركز حرمون للدراسات المعاصرة، مساء أمس الخميس 26 كانون الأول/ ديسمبر 2019، ندوة حوارية مفتوحة، حول دراسته الأخيرة التي حملت عنوان (التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية)، وذلك في صالة المنتدى الثقافي التابع للمركز في مدينة إسطنبول التركية.
افتُتحت الندوة بكلمة موجزة للأستاذ سمير سعيفان، مدير عام مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أشار خلالها إلى الأهمية التي يكتسبها موضوع الدراسة البحثية، بسبب الأعباء التي أُلقيت على عاتق المرأة السورية، خلال الحصار والتهجير ومجمل ظروف الحرب، الأمر الذي جعل من رصد هذه التغيرات التي طالت الأدوار التي تلعبها المرأة، أمرًا ضروريًا.
وبعد ذلك، استعرض الدكتور حسام السعد أمام الحضور أهمّ المحاور الأساسية التي تناولتها الدراسة، والمنهج المتّبع في إنجازها، والمناطق الجغرافية التي شملتها عيّنات الدراسة، وأشار إلى أن معظم الدراسات التي تختص بقضايا المرأة كانت منقوصة إذ لم تتطرق إلى كل إشكاليات المرأة، وهذا كان أحد أسباب إنجاز هذه الدراسة الموسّعة. وأضاف: “لعبت الحرب في سورية دورها الكبير في تغيير القيم والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع، استنادًا إلى الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي السائد في كل منطقة بعينها، وازدادت آثار الحرب تباعًا مع السنوات، وشملت شرائح المجتمع وفئاته كافة، وفرضت واقعًا جديدًا على أفراد المجتمع، حيث تغيرت كثير من الأدوار المرتبطة بفئات المجتمع كافة، وبرزت أدوار مختلفة وجديدة للمرأة بشكل خاص في هذه الحرب”.
عن أهمية الدراسة قال السعد: “تكمن أهمية الدراسة في ضرورة الوقوف على التغيرات الطارئة على أدوار المرأة المختلفة، في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، والبحث في تأثير هذه التغيرات في الوحدات الأساسية بالمجتمع، خصوصًا في المرحلة الراهنة، وإن الدور الأساس الذي قامت به المرأة يوجب دراسة أوضاعها ومقارنتها بأحوالها السابقة”.
قامت السيدة ربا حبوش، بالتعليق على موضوع الدراسة البحثية، وتطرقت إلى أهم النتائج التي توصلت إليها، لافتةً إلى “أن تقسيم المناطق الجغرافية التي شملت الدراسة كان جيدًا، وهذا ساهم في الحصول على نتائج دقيقة وجديدة، بالرغم من أن الدراسة لم تشمل النساء في مناطق النظام”.
بدورها، وصفت السيدة شيماء البوطي الدراسة، بأنها “شاملة وتفصيلية، وقدّمت صورة عن مجمل الأدوار التي لعبتها المرأة السورية، قبل الثورة السورية سنة 2011 وبعدها، في مختلف المجالات التعليمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية”.
وفي الختام، جرت مداخلات من الجمهور، حول موضوع الدراسة، وأجاب الدكتور حسام السعد عن الأسئلة التي طرحها الحضور.
نُشرت الدراسة التي أعدها كل من الدكتور حسام السعد، والدكتور طلال المصطفى، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، ونّفذت الدراسة في الفترة الواقعة بين شهر أيلول/ سبتمبر، وأوائل شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وشملت المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، وحُددت بـمناطق سيطرة المعارضة الراديكالية (هيئة تحرير الشام وغيرها)، ومناطق سيطرة المعارضة في مناطق (درع الفرات)، ومناطق سيطرة وحدات (ب ي د)، ومناطق سيطرة تنظيم (داعش).
وسلطت الدراسة الضوء على متغيرات عدة منها: الأدوار الأسرية للمرأة، الأدوار الاجتماعية، الأدوار الاقتصادية، الأدوار السياسية، توقعات المستقبل. واستخدمت الدراسة طريقتين: الأولى دراسة الحالة، وشملت (200) امرأة توزعت بالتساوي على المناطق الأربع؛ والطريقة الثانية “مجموعات النقاش المركزة البؤرية”.
خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي سلّطت الضوء على التغيّرات التي طرأت على المرأة السورية، في أدوارها الأسرية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية، وشددت على أن هناك انخراطًا أكبر للمرأة في الحياة العامة، مقارنة بمرحلة ما قبل ثورة 2011، مع أنه كان بحكم الضرورة، واعتبرت ذلك أمرًا إيجابيًا في نموّ دور المرأة اجتماعيًا، لكونه يؤسس لدور أكبر للمرأة اجتماعيًا واقتصاديًا، ويُسهم في تغيير بنية الثقافة التقليدية الناظمة لأدوار المرأة في المجتمع السوري، ويكسر تابواتها المتعددة.
مركز حرمون للدراسات المعاصرة هو مؤسسة بحثية ثقافية تُعنى بشكل رئيس بإنتاج الدراسات والبحوث المتعلقة بالمنطقة العربية، خصوصًا الواقع السوري، وتهتمّ بالتنمية الاجتماعية والثقافية، والتطوير الإعلامي وتعزيز أداء المجتمع المدني، واستنهاض وتمكين الطاقات البشرية السورية، ونشر الوعي الديمقراطي، وتعميم قيم الحوار واحترام حقوق الإنسان.