عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة، بالتعاون مع مركز SETA للأبحاث والدراسات، يوم الاثنين 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ندوة بعنوان “الأحداث في غزة وانعكاساتها على الواقع السوري”، شارك فيها: سمير سعيفان، مدير مركز حرمون للدراسات المعاصرة؛ و يوجل أجر، باحث في مركز SETA؛ وأدارتها أسماء صائب أفندي، مديرة منتدى حرمون الثقافي.
تركزت أعمال الندوة على عدة محاور، من بينها: أبعاد استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة، على إثر عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتوجهات إسرائيل في هذه الحرب، وأهدافها منها، ومخاطرها على دول المنطقة وعلى السياسة التركية الخارجية في المنطقة، واحتمالات انخراط “حزب الله” في هذه الحرب، وتأثير ذلك على لبنان، وموقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من هذه الحرب، وانعكاساتها على القضية السورية.
في بداية الندوة، تحدث سمير سعيفان عن تطورات الحرب في غزة وأسبابها، وأوضح أن ما يحدث الآن يختصر ما حدث في فلسطين منذ أكثر من 75 عامًا، فهناك عدوان إسرائيلي مستمرّ، يقابله تجاهل دولي لمعاناة الفلسطينيين ولعدالة قضيتهم. وأضاف سعيفان أن ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كان نتيجة 17 عامًا من الحصار البري والبحري والجوي على قطاع غزة، ومن الطبيعي أن يدافع الفلسطينيون عن أنفسهم وأراضيهم من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.

من ناحيته، قال يوجل آجر إن إسرائيل احتلّت الأراضي الفلسطينية باعتراف من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وما فعلته (حماس) ليس هجمة إرهابية، كما يُروّج البعض، بل هو دفاع عن النفس والأرض، وهذا الأمر مشروع وفقًا للقانون الدولي، واعتبرَ أن استخدام إسرائيل للعنف المفرط ضدّ المدنيين لا يدخل في إطار الدفاع عن النفس، لأنها ارتكبت المجازر بحق المدنيين، واستهدفت مراكز طبية ومشافٍ.

ناقشت الندوة السياسة الإيرانية تجاه الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة، استنادًا إلى الأحداث التي تجري في غزة، ودعم إيران العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وحول ذلك، قال سعيفان إن إيران لديها برنامج توسعي إقليمي في المنطقة منذ عام 1979، يقوم على أساس ديني شيعي، وقد استطاعت، عبر أذرعها العسكرية في لبنان وسورية والعراق، تثبيت نفوذها في المنطقة. ورأى سعيفان أن تقاعس الدول العربية عن دعم حركة (حماس) جعلها تلجأ إلى إيران التي سعت بدورها لاستغلال هذا الدعم من أجل تحقيق مزيد من التوسّع والجماهيرية في المنطقة.
أضاف سعيفان أن سياسة إيران تعتمد على استخدام الآخرين من أجل تحقيق مصالحها، وتبتعد عن الاشتباك المباشر، لذلك هي تنأى بنفسها عن الانخراط في الحرب، وتمنع “حزب الله” من الدخول في أي مواجهة مع إسرائيل، على الرغم من أن ما يجري في قطاع غزة حاليًا يمثّل تحديًا كبيرًا لحزب الله الذي يستخدم المقاومة وتحرير القدس، من أجل الترويج لشرعيته الزائفة.
في محور آخر، تطرقت الندوة إلى الموقف التركي من الأحداث في غزة، وإمكانية أن تكون تركيا وسيطًا لإحلال السلام بين فلسطين وإسرائيل. وذكر يوجل آجر أن تركيا تعدّ حركة (حماس) حركةً سياسيةً، ولا تدعمها عسكريًا، مؤكدًا أهمية العلاقات التركية-الفلسطينية، واستعداد تركيا لأن تكون وسيطًا بين الجانبين لحل هذه الأزمة.

اهتمت الندوة بمناقشة دلالات تراجع إسرائيل عن التوغّل البري الشامل في قطاع غزة، واحتمالات الانتقال إلى الحوار بين الطرفين في مرحلة لاحقة. وتعليقًا على ذلك، قال سعيفان إن كمية العنف التي شاهدناها في غزة تدفعنا للتساؤل: هل يمكن أن يضع المجتمع الدولي، وخاصة أميركا، حدًا لهذه المأساة؟ وما هي الفرص المتاحة لتنفيذ اتفاق أوسلو الذي يهدف إلى حل الدولتين؟
أضاف سعيفان أن تنفيذ إسرائيل لاجتياح برّي واسع لقطاع غزة سيُحرج كثيرًا من الحكومات في المنطقة العربية، ويضرّ بمسار التطبيع إلى حد كبير، وسينعكس سلبًا على إسرائيل والرأي العام العالمي.

سلطت الندوة الضوء على التضليل الإعلامي الذي قامت به وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها الحرب على غزة، وعلى تقاعس الجهات والمنظمات الحقوقية التي تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة عن القيام بدورها إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وقال يوجل آجر إن دول الاتحاد الأوروبي تواجه امتحانًا صعبًا، بخصوص حقوق الإنسان التي تنتهكها إسرائيل في غزة، وعلى المنظمات الحقوقية أن تتحرك بشكل عاجل وتتحمل مسؤوليتها الكاملة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة.
في المحور الأخير، تطرّقت الندوة إلى السياسة الأميركية تجاه إيران، على ضوء الأحداث في غزة. وحول ذلك، استبعد سعيفان أن تُغيّر الولايات المتحدة سياستها خلال المرحلة المقبلة، لأنها تتأثر بكثير من العوامل الإقليمية والدولية. بدوره، وصف يوجل آجر السياسية الأميركية تجاه إيران بالعشوائية، فهي تفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، لكنها في الوقت ذاته سمحت لها بالتوسع في العراق وسورية ولبنان. كذلك دعمت حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الذي يشكّل خطرًا على الأمن القومي التركي، بحجة محاربة تنظيم “داعش”.
اختُتمت الندوة بنقاش مفتوح بين المتحدثين والحضور. والندوة متاحة للمشاهدة على منصات مركز حرمون في فيسبوك وإكس ويوتيوب.