مقدمة:
تهدف هذه الورقة إلى تناول مادة الهوية لدى السوريين، من خلال مصدرَين: الأول وثيقة أصدرها فريق الحوار العامل في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، بعنوان “مشروع وثيقة توافقات وطنية”[1]، وهي نتاج جلسات حوارية دُعي إليها مفكرون وسياسيون سوريون أنتجوا تلك الوثيقة. والثاني نتاج مسح ميداني، هدف إلى تعرّف اتجاهات السوريين إزاء عدد من العبارات المتعلقة بسؤال الهوية.
إنّ سؤال الهوية مهمّ للإنسان على الدوام، وتزداد أهميته بالنسبة إلى السوريين، بعدما تعرّض له نسيج الجماعات السورية الاثنية والمذهبية، والعلاقات التي تربط بينها، من تهتّك نتيجة الأحداث المأساوية التي عاشها السوريون خلال العقد المنصرم، فضلًا عن دور التاريخ والجغرافيا في تعميق التباسات الهوية، على الصعيد الذهني والعاطفي والواقعي السياسي[2].
ولا شك في أن التنويعات الاثنية والدينية التي يتميز بها السوريون كانت بمثابة الأرضية الموضوعية، لقيام النظام الحاكم باستثمارها لمصلحته، من خلال اتباعه لسياسة (فرّق تسُد)، في مقابل تأكيده على الانتماء القومي العروبي للسوريين، ما أدى إلى إجهاض أي فرصة لنمو الوطنية السورية الجامعة.
والهوية على المستوى الشخصي/ الفردي والجمعي مفهوم دينامي، وهي تُولد وتنمو في سياقات معقدة من الخبرات والعلاقات التي يعيشها الفرد ويقيمها مع غيره من أفراد الجماعة/ الجماعات التي ينتمي إليها، ومع المحيط/ الموئل – الوطن، حيث يستمدّ منه مقومات حياته. وتختلف شدة عاطفة الانتماء وطبيعتها، بحسب طبيعة الخبرات، حيث تترافق الخبرات الإيجابية مع مشاعر العزّة والفخر بموضوع الانتماء، على خلاف ما ينتج عن الخبرات السلبية.
والهوية باعتبارها عاطفة انتماء وولاء، وإن كانت ذات طبيعة نفسية، فهي مفهوم دينامي ومركب يتضمن أبعادًا متعددة، وهي من جهة أخرى، عاطفة مكتسبة غير فطرية أو موروثة، تُولد وتنمو وتكبر لدى الأفراد، وقد تضعف وتموت.
أولًا- سؤال الهوية في “مشروع وثيقة تفاهمات وطنية”:
تناول مشروع الوثيقة مفهوم الهوية، من دون منحها عنوانًا منفردًا، بل كانت حاضرة من خلال العديد من التعبيرات المتنوعة المبثوثة في مضامين العديد من محاورها. وأقتبس من المضمون الذي ورد تحت عنوان “وثيقة الأسس والمبادئ”، بعض العبارات الموضحة للهوية التي تبناها مشروع الوثيقة المذكورة:
– التأكيد على أنّ “الشعب هو صاحب السيادة، وهو المصدر الأول للشرعية”، و “أن الشعب السوري يعتز بتنوعه في إطار وحدته الوطنية”، وبتراثه الحضاري، وانتمائه إلى الحضارتين العربية والإسلامية.
– التأكيد بوضوح على تبني “الهوية الوطنية للدولة”، وعلى “انتماء الفرد للهوية الوطنية”، و هدف “بناء الهوية الوطنية المشتركة بين السوريين”.
– التأكيد على منع تشكيل أحزاب على أسس دينية أو مذهبية، وتبنّي “العلمانية كخيار ضروري لإنقاذ سورية ولبقائها موحدة”، والتركيز على “الهوية الوطنية”، وانتهاج مبدأ “الحياد تجاه كل الأديان والمذاهب”.
– دعت الوثيقة “إلى ضرورة النظر إلى القضية الكردية باعتبارها جزءًا من القضية الوطنية والديمقراطية السورية”، و إلى “تبني قيم المواطنة المتساوية”.
إذًا، تبنّى مشروع وثيقة تفاهمات وطنية الهوية الوطنية السورية، وحدد موقفه من جميع المعيقات التي تحول دون وجودها وترسيخها، ودعا إلى تحصينها بمفاهيم المواطنة المتساوية وبالعلمانية، واعتبار أن القضية الاثنية هي قضية وطنية، وحلّها يكون عبر الدولة الحديثة.
ثانيًا- هوية السوريين كما أفاد بها مسح الاتجاهات
1- انطلق العمل على قياس اتجاهات عيّنة من السوريين نحو الهوية، من السؤال الرئيس الآتي: ما اتجاهات السوريين نحو قيمة “الهوية”؟ وقد تفرّع عنه عدد من الأسئلة الصغرى:
– كيف يُعرِّف السوري نفسَه اليوم؟ هل بدلالة الهوية الدينية، أم القومية أو الوطنية؟ وأيّهما أغلب؟ وهل لديه أكثر من انتماء وهوية، في آن معًا؟ هل لديه هوية أولى/ أساسية؟ أم أنه ما زال مشتتًا بين عدد منها؟
– هل لمتغيرات العمر والوضع التعليمي والتركيب الجندري/ الجنساني لأفراد العينة، أثرٌ في التوجه الهوياتي للفرد؟
2- تكمن أهمية تعرف اتجاهات السوريين نحو الهوية في الوقوف على مدى التوافق و/أو التشتت الهوياتي الذي يجتمع عليه السوريون. ما يسمح لأصحاب الرأي من سياسيين ومفكرين ببناء استراتيجيات توعوية/ تربوية، وتوجيهها إلى السوريين.
3- المنهج: اتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي، من النوع المسحي، واستخدم الاستبانة الخماسية لقياس الاتجاهات.
4- المجتمع والعينة: العينة عَرَضية، موزعة بين الفئات العمرية والجنس والمستويات التعليمية، فضلًا عن توزعها على مناطق جغرافية متعددة. وبلغ إجمالي عدد الاستبانات المستردة (303) استبانة.
4- خصائص العينة:
أ- حسب العمر:
توزع العيّنة حسب الفئات العمرية

ب- حسب الجنس:
توزع العينة حسب الجنس

ج- حسب المستويات التعليمية:
توزع العينة حسب المستوى التعليمي

د- حسب مكان الإقامة الحالي:
توزع العينة حسب مكان الإقامة الحالي

5- نتائج الدراسة:
كيف توزعت ولاءات السوريين ومواقفهم من هوية الدولة؟
وضعت البنود في استبانة رقمية/ إلكترونية لقياس اتجاهات عينة من السوريين، وجمعت استجاباتهم نحوها، ثمتمّ تحليلها على المستوى الكلي أولًا، ثم على المستوى التفصيلي ارتباطًا بمتغيرات: العمر والجنس والمستوى التعليمي، وخضعت النتائج للتحليل الإحصائي والتفسير. فكانت النتائج:
ولائي لديني أهم من ولائي لسورية: أكثر من نصف حجم العينة (57%) أعلن تأييده (موافق بشدة وموافق) لفكرة أولوية الولاء للدين على الولاء لسورية، فيما رفضها (36%)، وامتنع (7%) عن التصريح باتجاههم.
اللافت أن (76%) من أفراد الفئة العمرية (20 > 35) سنة قدّموا الولاء الديني على الولاء الوطني (لسورية)، بينما انخفضت النسبة إلى (65 %) من أفراد الفئة (35 > 50) سنة، فيما انخفضت النسبة إلى(21%) عند الفئة (50> 65)، وإلى (11%) لدى الفئة العمرية الأعلى.
فالولاء للدين سابق على الولاء الوطني بوضوح، لدى أفراد الفئتين العمريتين الأصغر، على خلاف الفئتين الأكبر عمرًا. وكانت الإناث أكثر تمسكًا بأولوية الولاء للدين (85%)، مقابل (46%) لدى الذكور.
وعند النظر في استجابات العيّنة على أساس المستوى التعليمي، كانت النسب المفضلة للانتماء الديني مرتفعة لدى عينة حملة الابتدائية والإعدادية (87.5%)، وانخفضت إلى نحو (70%) لدى حملة الشهادة الثانوية، وإلى (62%) لدى الجامعيين والجامعيات، فيما تقلصت إلى (23%) لدى حملة الشهادات العليا.
فالعلاقة عكسية بين التعليم وتفضيل الانتماء الديني على الوطني/ السوري، أي ترتفع نسب المؤيدين لفكرة أولوية الهوية الدينية على السورية، بين أوساط السوريين (العينة) الأقل تعليمًا.
انتماء السوريين للأمة العربية أولوية على جميع انتماءاتهم: (43.5%) كانت اتجاهاتهم إيجابية (موافق بقوة وموافق)، مقابل (43%) سجلوا اتجاهًا سلبيًا (رافض ورافض بشدة) لفكرة أولوية الانتماء العربي على جميع الانتماءات، مع ارتفاع نسبة غير المصرّحين عن اتجاهاتهم إلى (14%). هذا على المستوى الإجمالي.
وبحسب العمر، انقسمت العيّنة بين موافق وبشدة، ورافض وبشدة، إلى نسب متقاربة لدى جميع الفئات، حيث وافق نحو (43%) على أولوية الانتماء للأمة العربية لدى الفئة (20 > 35سنة)، و(45%) لدى الفئة العمرية (35 > 50)، و(39%) لدى الفئة (50 > 65)، و(46%) لدى الفئة العمرية المتقدمة (+65 سنة). إذن، لا توجد فروق جوهرية بين الفئات العمرية على صعيد أولوية الانتماء للامة العربية.
وبحسب الجنس، سجلت الإناث نسبة تأييد أعلى (51%) لأولوية الانتماء العربي (القومي)، مقابل (30%) للذكور.
والملاحظ انخفاض نسب المؤيدين لأولوية الانتماء القومي مع ارتفاع المستوى التعليمي؛ حيث انخفضت من (62%) لدى حملة الشهادتين الابتدائية والإعدادية، إلى (42%) لدى الجامعيين، وإلى (38%) لدى أصحاب الشهادات العليا (أعلى من المستوى الجامعي)، وهذا يعني أن العلاقة عكسية بين الولاء للهوية القومية والمستوى التعليمي للفرد.
يجب نزع صفة “العربية” عن اسم سورية، لتصبح “الجمهورية السورية”: وافق (38%) على نزع صفة العربية عن اسم سورية، مقابل ذلك رفضها (45%)، ولم يعلن رأيًا (16.5%). أي ما زالت الغلبة واضحة “للعربية السورية”، على مستوى إجمالي العيّنة.
وتفصيليًا، سجّلت عينات السوريين الأكبر سنًا موافقات أعلى لفكرة تجريد اسم سورية من الانتماء العربي، (57%) للفئة (+65 سنة)، و(54%) للفئة (50> 65)، وانخفضت إلى (37%) للفئة (35> 50)، وتقلصت إلى (29%) لدى فئة الشباب (20> 35) سنة.
وسجلت الإناث نسبةرفض أعلى لفكرة استبعاد الهوية العربية عن اسم سورية (64%)، مقابل (38%) للذكور.
وأكثر الفئات التعليمية تمسكًا بالهوية العربية لسورية هي من المستوى التعليمي (ابتدائية واعدادية)، حيث رفض فكرة نزع العربية عن اسم سورية (أكثر من (87%)، ثم توالى انخفاض النسبة لدى الفئات التعليمية الأعلى، ليبلغ أدناها (25%) لدى الشريحة الأعلى تعليمًا، ما يسمح باستنتاج وجود علاقة طردية بين المستوى التعليمي والاتجاهات الإيجابية (الموافقة) نحو نزع صفة العربية عن اسم سورية.
من حق المكونات الاثنية السورية السعي لنيل حقوقها بما في ذلك حق الانفصال:
من هم الموافقون على حق تقرير المصير للاثنيات حتى بلوغ الانفصال عن سورية؟ (56%) من إجمالي العينة رفضوا فكرة منح المكونات السورية الاثنية حق الانفصال، مقابل ذلك أيّد الفكرة (28%)، وتردد في موقفه (16%) من العينة.
وعلى صعيد العينات الفرعية، لم تلق فكرة حق المكونات الاثنية السورية بالانفصال عن سورية ترحيبًا من جانب غالبية العينات العمرية، بل إنهم رفضوها، ولا سيما الفئة الأكبر عمرًا (50 > 65) التي سجلت أعلى نسب الرفض ( 75%) منهم، ثم الفئة (35 > 50 سنة) بنسبة (64%)، في حين رفضها من فئة الشباب (20 > 35) (45%). واللافت امتناع (43%) من الإناث عن إعلان اتجاههن (لا رأي)، فيما أعلن خُمسهن الموافقة (20%) على الفكرة، مقابل (28%) من الذكور كانوا موافقين.
وقد ارتفعت نسبة الممتنعين عن إعلان اتجاههم، لدى حاملي الشهادتين الابتدائية والإعدادية، إلى (38%)، مقابل تأييدها من قبل (37%) منهم. واللافت انخفاض نسب الموافقة على فكرة حقوق الاثنيات حتى الانفصال إلى (24%) لدى عينة الجامعيين، و(36%) لدى شريحة الشهادات العليا.
إن قضية حقوق الاثنيات بشكل عام وحقهم بالانفصال مسألة إشكالية، وقد بدا ذلك من خلال ارتفاع نسب المترددين (لا أدري) بين مختلف العينات.
الولاء الأول لسورية ضمان لوحدة السوريين بغض النظر عن ولاءاتهم الأخرى: رحّب (78%) من العينة الإجمالية بالفكرة، وهذه أعلى نسب الموافقة المسجلة على مستوى جميع البنود،مقابل ذلك رفضَها (14%).
ارتفعت نسبة المؤيدين لفكرة الولاء لسورية ضمانة وحدة السوريين طردًا مع ارتفاع العمر لأفراد العينة، فقد أيّدها (66%) من فئة الشباب (30> 35)، وبلغت (93%) لدى الشريحة العمرية (+65 سنة)، وفيما سجل الذكور نسبة موافقة مرتفعة (83%)، أيدها (61%) من الإناث.
واللافت ارتفاع نسبة المترددين في الإجابة عن الفكرة من ذوي المستوى التعليمي الأدنى إلى (50%)، وأيّدها (50%) منهم. ما عدا ذلك فقد رحّب بها غالبية الأفراد من المستويات التعليمية الأعلى (97%) و(76%) و(83%) تباعًا، ما يعني أن العلاقة بين التمسك بفكرة الوطنية الموحدة للسوريين والمستويات التعليمية العليا قوية.
أرفض فصل الدين عن الدولة : أكثر من(50%) من إجمالي العينة رغبوا في الارتباط بين الدولة والهوية الدينية، مقابل ( 40%) قالوا بفصلهما.
وعلى المستوى التفصيلي: فقد رفض الفصل (62%) من الفئة الشابة (20>35)، و(55%) من الفئة العمرية الأعلى (35> 50)، فيما تقلصت نسبة الرفض إلى (28%)، و(21%) لدى عينتي العمر (50> 65) (+65)؛ ما يعني أن الشرائح العمرية الأعلى أكثر قبولًا لفكرة الفصل بين الدين والدولة.
واللافت أنّ الإناث أشد تمسكًا بهوية الدولة الدينية (68%) مقابل (44%) للذكور. وأن جميع أفراد العينة من ذوي التحصيل التعليمي (الابتدائي والاعدادي) (100%) رفضوا الفصل بين الدولة والدين، ثم انخفضت نسبة الرافضين لفكرة الفصل، لدى الشريحة التعليمية الأعلى (الثانوية)، إلى (70%)، وإلى (49%) و(40%) لدى ذوي التعليم الأعلى (الجامعية والعليا) على التوالي. ما يعني أن الفئات التعليمية الأعلى أكثر تأييدًا لفصل الدولة عن الدين.
وجود نظام ديمقراطي – علماني في سورية هو حل ملائم لجميع المكونات السورية: أكثر من نصف المستجيبين (51%) أيدوا الفكرة، مقابل ذلك رفضها (38%) من إجمالي العينة، والباقون لا رأي لهم.
وكان الشباب أكثر تحفظًا من باقي الفئات العمرية نحو النظام العلماني الديمقراطي، حيث أعلن (52%) من أفراد الفئة العمرية الشابة (20>35) سنة رفضهم الفكرة. على خلاف الفئات العمرية الأعلى، حيث وافق عليها (53%) من الفئة العمرية (35> 50)، و(80%) من الفئة (50> 65)، و (82%) من الفئة العمرية الأعلى (+65). أي إن فكرة وجود نظام ديمقراطي- علماني في سورية حازت موافقة واسعة بين الفئات العمرية المتقدمة، على خلاف الشباب، وهذه نتيجة لافتة للنظر. وكان الذكور أكثر تقبلًا لفكرة الدولة الديمقراطية – العلمانية، حيث وافق عليها (61%) منهم، في مقابل انخفاض المؤيدات لها بين الإناث إلى (26%) فقط!
ومع تحسن المستويات التعليمية لأفراد العينة، ترتفع نسب التأييد للفكرة، وتتقلص نسب الرفض لها؛ فقد ارتفعت نسبة الرافضين إلى (75%) بين ذوي التحصيل الأدنى، في مقابل (43%) –(37%) –(25%) لدى حملة الشهادات الأعلى، بدءًا من مستوى الثانوية، مرورًا بالشهادات العليا. فالعلاقة بين تأييد فكرة علمانية وديمقراطية الدولة والمستوى التعليمي طردية.
لا مانع من أن يكون الرئيس المقبل لسورية غير مسلم: نصف المستجيبين للمسح وافقوا على عدم التمسك بدين الرئيس. مقابل (41%) لم يوافقوا، وتحفظ (8%) هذا على المستوى الإجمالي.
وعلى مستوى العينات الفرعية، رفض هذه العبارة أكثر من نصف (56%) عينة الشباب من عمر (20>35) سنة، و(42%) من الفئة العمرية (35- >50)، ثم تقلّصت نسب الرفض لدى الفئتين العمريتين التاليتين إلى (21%) – (7%)، ما يعني أن الفئات العمرية الأكبر كانوا أكثر انفتاحًا على فكرة التخلي عن تحديد دين الرئيس.
واضح أن الذكور كانوا أكثر تقبلًا للفكرة، فقد أيّدها (61%) منهم، مقابل (19%) من الإناث. واللافت هنا أيضًا أن أشد الرافضين للفكرة كانوا من ذوي المستوى التعليمي الأقل، (75%) منهم مقابل تقلص النسبة إلى(39%) بين حملة الشهادة الثانوية، و(46%) من الجامعيين و(13%) من ذوي الشهادات العليا، حيث أيدها (85%) منهم. إذن تلقى فكرة عدم التمسك بدين الرئيس تأييدًا متصاعدًا، مع تحسّن المستوى التعليمي للسكان (العينة).
توزع الاتجاهات نحو موضوعات الهوية بحسب درجاتها

من الضروري الاتفاق على مرجعية دينية للدولة السورية مستقبلًا: وهنا عودة لفكرة الدين والدولة، ولكن كمرجعية ليس أكثر، وقد وافق عليها (50%) من إجمالي العينة، فيما رفضها (36 %) ولم يعلن (14%) منهم عن اتجاه صريح.
هذا وقد أعلن تأييده لفكرة المرجعية الدينية للدولة (62%) من الشباب (20>35) سنة، و (55%) من الفئة العمرية الأعلى (35> 50) سنة، فيما انخفضت نسبتهم إلى (29%)، ثم إلى (10%)، لدى الفئتين (50> 65) سنة و (+65) سنة على التوالي، هذا يعني ارتفاع نسبة رافضي المرجعية الدينية للدولة، مع التقدم بالعمر.
وكانت الإناث أشدّ تمسكًا بفكرة المرجعية الدينية، فقد وافقتها (80%) مقابل (40%) للذكور. وبحسب المستويات التعليمية، كان ذوو المستوى التعليمي الأقل (ابتدائي وإعدادي) أكثر تمسكًا بالمرجعية الدينية، وبلغت نسبتهم (50%)، وقريب منها (48%) سجلها ذوو الشهادة الثانوية، و(55%) لذوي الشهادة الجامعية. وفي المقابل، انخفضت نسبة المؤيدين للمرجعية الدينية إلى (31%)، لدى حملة الشهادات العليا (ماجستير ودكتوراه). إذن تتضح العلاقة بين التمسك بفكرة المرجعية الدينية للدولة لدى الشباب والإناث وذوي المستويات التعليمية الأقل.
الخلاصة:
تباينت نسب التأييد والرفض للعبارات (القيم) التي جرى استطلاع الاتجاهات نحوها على المستوى الكلي للعينة، وكذا على مستوى العينات الفرعية التي تناولتها الدراسة.
عمومًا، تبين أن الاتجاهات، سواء كانت بالاتجاه السالب أو الموجب (موافقة – رفض)، تتغير تبعًا لمتغيرات العمر والجنس والتعليم.

ما يدعونا للتأكيد على الأمور التالية:
–صعوبة بلوغ تفاهمات سهلة حول هوية الدولة المنشودة بين السوريين، على اختلاف تنوعاتهم.
–تبدو اتجاهات العينات العمرية العليا، والذكور، والتعليمية الأعلى أكثر وضوحًا وانحيازًا/ تأييدًا للعديد من القيم التي طرحتها استبانة البحث: الهوية الوطنية السورية، العلمانية، على خلاف عينات الشباب والإناث وذوي المستويات التعليمية الأقل.
–الأمر الذي يتطلب توجيه عناية خاصة للفئات العمرية الصغيرة، وللإناث، وذوي المستويات التعليمية الأقل، بغية تعزيز القيم المنسجمة مع الحداثة، عبر برامج التعليم والتوعية بجميع أشكالها: النظامية وغير النظامية، ومن ضمنها برامج الإعلام التنموي، من دون إغفال أهمية التحولات الاقتصادية – الاجتماعية في إحداث التغيير المطلوب.
–ضرورة لفت الانتباه عند صياغة وثائق فكرية – سياسية إلى أهمية المتغيرات السكانية: العمر والتعليم ومكان الإقامة والجنس و… الخ، في التأثير في اتجاهات السكان وإمكانية تغييرها عبر برامج التنمية الشاملة.
[1] إصدار مركز حرمون للدراسات المعاصرة.
[2] راجع:
– المعلولي: في الأصول التاريخية للوطنية السوربة. https://2u.pw/e7OOhdH
– حول الوطنية، كي لا نبقى في الوهم https://2u.pw/pyX3d20