مقدمة:

لاريب أن تاريخ العلاقات التركية العربية يعود لقرون طويلة كانت فيها سورية جزءًا من الإمبراطورية العثمانية لأكثر من أربعة قرون متتالية، انتهى الحكم العثماني بإنهيار الإمبراطورية وتأسيس الجمهورية التركية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وانتهى نفوذ العثمانيين بشكل كامل في سورية عام 1920 مع دخول قوات الانتداب الفرنسي وفقًا لاتفاقية سايكس بيكو مع الإنجليز 1916. ومنذ ذلك الحين حتى نهاية القرن الماضي، سيطرت ثلاث قضايا رئيسية على على مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي بالترتيب: قضية هاتاي (لواء إسكندرون)، قضية المياه العابرة للحدود، وقضية حزب العمال الكردستاني. فقد أبرمت تركيا مع فرنسا اتفاقية، في عام 1939، أُلحقت بموجبها هاتاي بالأراضي التركية بعد إجراء استفتاء. غير أن سورية لم تقبل بهذا الاستفتاء، ووصفت الاتفاقية بأنها معاهدة غير شرعية داخل حدودها، واستمرت بإظهار هاتاي كجزء من الأراضي السورية في خرائطها الرسمية. أما في الثمانينيات، فقد شكّلت قَضيّتَا المياه العابرة للحدود وقضية حزب العمال الكردستاني توترًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين. يعود الخلاف على مياه نهري دجلة والفرات بسبب تصنيف تركيا لمياه النهرين كـ “مياه وطنية”، بينما بالنسبة لسورية فإنهما يندرجان ضمن مفهوم المياه الدولية. وعندما لم تتوصل الدولتان إلى تفاهم بشأن قضية المياه، استخدمت سورية ورقة حزب العمال الكردستاني في اللعبة. فأسست في أراضيها قاعدة لهذا التنظيم الذي تصفه أنقرة بـ “الإرهابي”، واستضافت زعيم التنظيم ومؤسسه “عبد الله أوجلان”، وهذا ما وضع تركيا في موقف صعب، وسبّب لها متاعب ومصاعب استمرت سنوات طويلة.

على الرغم من التحذيرات الدبلوماسية التي وجّهتها أنقرة لدمشق، والبروتوكولات الأمنية المتبادلة في الثمانينيات والتسعينيات، استمرت سورية في دعم منظمة حزب العمال الكردستاني، ما جعل البلدين على شفا الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 1998، فتدخلت بعض الأطراف مثل الجامعة العربية ومصر وإيران للتوسط بين البلدين، وبالفعل نجحوا في إقناع سورية بإخراج عبد الله أوجلان من أراضيها، وتوقيع اتفاقية أضنة، عام 1998[1]، التي نصّت على التعاون بين الدولتين في محاربة منظمة حزب العمال الكردستاني التي تراها أنقرة “أخطر منظمة إرهابية تهدد أمنها القومي”. ومع وصول حزب العدالة والتنمية في تركيا، وبشار الأسد في سورية، في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى السلطة، حدثت مراجعات كبيرة في السياسة الخارجية لكلا البلدين، وتطورت العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية. استمر ازدهار العلاقات حتى عام 2011، حين اندلعت الاحتجاجات الشعبية في سورية ضمن ما يعرف بثورات الربيع العربي. وحينها دعت تركيا الحكومة السورية للإصلاح والدمقرطة في سورية. في الواقع، كان أثر الربيع العربي مزلزلًا للمنطقة، إذ أدى إلى سقوط أنظمة عدة في العالم العربي. أما في سورية فقد تحولت الانتفاضة الشعبية من احتجاجات متفرقة إلى حرب أهلية طاحنة. أما من جهة تركيا، فبعد أن يأست من إقناع النظام السوري بطريق الإصلاح، قررت قطع العلاقات معه تمامًا منذ بداية الأزمة.

تهدف هذه الدراسة إلى فحص العلاقات التركية السورية من خلال استعراض أهم نقاط التحول التاريخية حتى اندلاع الربيع العربي في بدايات عام 2011. يتناول الجزء الأول من الورقة أهم العقبات التي شكّلت معالم العلاقات التركية السورية منذ أزمة لواء إسكندرون عام 1939 حتى التوتر السياسي والعسكري بسبب قضيتي المياه والعمال الكردستاني، اللتين خُفّفت حدتهما مع توقيع اتفاقية أضنة عام 1998. ثم يعرض الجزء الثاني من هذه الورقة التغييرات الدراماتيكية التي حصلت مع بدايات العقد الأول من الألفية الثالثة، حينما شهدت العلاقات تحسنا وصل إلى مستوى “الشراكة الإستراتيجية” في عام 2010. وأخيرًا، تناقش الورقة كيف عاد التشنج مجددًا إلى العلاقات بين البلدين مع بداية أحداث الربيع العربي في سورية عام 2011، لتتطور الأمور إلى إنقطاع كامل في العلاقات، ودعم أنقرة لمجموعات مسلحة تسعى لإسقاط النظام السوري. وفي الخاتمة سنلّخص أبرز ما جاء في هذه الورقة، مع توضيح كيف تطورت سياسة تركيا تجاه سورية، من إصرار على إطاحة نظام الأسد إلى انشغال بمحاربة تنظيمات باتت تشكل خطرًا أمنيًا على وجود أنقرة.

قضية هاتاي (لواء إسكندرون):

كانت قضية هاتاي من أهم المحطات في سياسة أتاتورك الخارجية. وعلى الرغم من أن إقليم إسكندرون، المعروف حاليًا باسم هاتاي (Hatay) في تركيا، كان داخل حدود الميثاق الوطني الذي رسم حدود الدولة التركية، فقد تُرك لإدارة الانتداب الفرنسي في سورية نتيجة لاتفاقية أنقرة الموقعة مع فرنسا في 20 أكتوبر 1921، التي أعطت الإقليم حق الإدارة الذاتية في إطار المعاهدة [2]. في عام 1921، أُنشئت إدارة خاصة لإقليم إسكندرون تتبع ولاية حلب. وفي عام 1925 أُدرجت اللغة التركية كلغة رسمية في الإقليم إلى جانب العربية والفرنسية [3]. في عام 1926، وقّعت فرنسا مع تركيا “اتفاقية حسن الصداقة والجوار” نيابة عن سورية، وتم تأكيد بنود اتفاقية أنقرة مرة أخرى [4]. وبفضل هذا الاتفاق، الذي أخذ العلاقات خطوة إلى الأمام، توصل الطرفان إلى تسوية بشأن وضع هاتاي لفترة وجيزة، وتزامن ذلك مع رفض الحكومة السورية هذا الاتفاق، بحجة أن لواء إسكندرون جزء من التراب السوري. غيّرت فرنسا اسم “حكومة إسكندرون الذاتية”، التي شُكّلت في ظلّ الانتداب الفرنسي، عام 1926، إلى “حكومة شمال سورية” [5]، لأن الاسم الأول لاقى معارضة من طرف الحكومة السورية، ولذلك قبلت فرنسا بربطه بحكومة سورية العاملة في ظلّ الانتداب الفرنسي. غير أن الضغوط التي مارسها الأتراك على الفرنسيين والسوريين أدت إلى قبول الحكومة السورية بمنح وضع خاص لإقليم إسكندرون عام 1928. وفي عام 1930، أخذت القضية بُعدًا دوليًا، بعد أن نُقلت إلى عصبة الأمم التي قررت منح الإقليم حكمًا ذاتيًا [6].

بدأت العلاقات السورية التركية في التدهور بسبب اقتراح تركي على فرنسا بمنح إقليم إسكندرون حق الاستقلال. أثمرت جهود فرنسا لنشر العداء التركي في سورية، وحاولت الحكومات المحلية الخاضعة للانتداب غرس هذا العداء، خاصة بين الشباب. نقلت تركيا قضية هاتاي إلى عصبة الأمم مطالبة بمناقشة النزاع التركي الفرنسي حول لواء إسكندرون. وفي اجتماع مجلس عصبة الأمم، الذي عقد في 27 يناير 1937، ذُكر أن إسكندرون سيكون كيانًا منفصلًا ، وسيتم إعداد دستور لهذا الإقليم الذي سيظلّ مستقلًا في الشؤون الداخلية ؛ في حين تدار شؤونه الخارجية من قبل الدولة السورية، ولكن لا يمكن لسورية أن تتخذ قرارات تضر بمكانة الإقليم من دون إذن من مجلس عصبة الأمم [7]. نسفت الحرب العالمية الثانية الوضع الأمني في أوروبا برمته، وهذا انعكس إيجابًا لصالح تركيا في مسألة إسكندرون، فخففت فرنسا موقفها تجاهها. وأُجريت انتخابات لمجلس هاتاي تحت إشراف مشترك من كلتا الدولتين، وحصل الأتراك على الأغلبية في التصويت. وانتُخب “طيفور سوكمان” رئيسًا للإقليم الذي حصل رسميًا على استقلاله، واتخذ اسم “جمهورية هاتاي”، في 2 أيلول/ سبتمبر 1938، رسميًا اسمًا لهذه الدولة الناشئة [8].

تسببت العلاقة الوثيقة بين تركيا وهاتاي في إثارة مخاوف الجانبين الفرنسي والسوري اللذين أغلقا الحدود السورية في وجه هاتاي للتضييق عليها، ما دفعها لمحاولة الانضمام إلى تركيا في عام 1939. قبلت فرنسا، التي كانت بحاجة إلى تركيا في أجواء الحرب العالمية الثانية المتوترة ، مطالب الجانب التركي ووقعت على “اتفاق الحل النهائي للمشكلة الإقليمية بين تركيا وسورية” في 23 حزيران/ يونيو 1939، وأعلنت عدم ممانعتها تقرير هاتاي لمصيره [9]. وافق مجلس هاتاي بالإجماع على الانضمام إلى تركيا، وأقرت الجمعية الوطنية التركية الكبرى (البرلمان) قانون ضم هاتاي لتكون أخيرًا مقاطعة داخل حدود تركيا[10]. في واقع الأمر، أصرت سورية على عدم الاعتراف بضم “لواء إسكندرون” لتركيا، واصفة الحدث بـ “الاتفاق غير القانوني بين فرنسا وتركيا”، حتى أنها استمرت في إظهار هاتاي داخل حدودها الوطنية في خرائطها الرسمية. ومن ثم ظلت قضية هاتاي مسألة خلافية بين البلدين الجارين حتى هذه اللحظة.

قضية المياه العابرة للحدود: (نهرا دجلة والفرات)

أدّت الحاجة المتزايدة لموارد المياه في القرن العشرين -بسبب تنامي حجم السكان وخطر ندرة المياه- إلى اتخاذ الدول إجراءات احتياطية للحفاظ على أمنها المائي. وتسببت هذه الإجراءات المتخذة في مشكلات حادة بين دول الشرق الأوسط. فقد كان نهرا دجلة والفرات، النابعان من جبال شرق وجنوب شرق الأناضول في تركيا، مصدر سلسلة من المشكلات بين تركيا وسورية والعراق، وما يزالان كذلك، بسبب تخطيط كل من هذه الدول الثلاث لإطلاق مشاريع وطنية تعتمد على مياه هذين النهرين [11]. وعلى الرغم من استمرار المفاوضات بين تركيا والعراق في إطار “اتفاقية الصداقة وحسن الجوار ” في عام 1946، وبين تركيا وسورية من جهة أخرى، لم يُحرز أي تقدم يُذكر. تزايد التوتر بين هذه الدول بشكل متصاعد بعد بناء تركيا سد “كيبان” على نهر الفرات في الستينيات، ثم سد آخر على نهر دجلة في الثمانينات، وإطلاقها مشروعًا ضخمًا أسمته “مشروع جنوب شرق الأناضول” (GAP) سنة 1977، الذي يهدف إلى تحسين البنى الاقتصادية والظروف الاجتماعية للمنطقة وزيادة الاستثمار فيها [12]. بدأت تركيا في تنفيذ مشروعها الكبير الذي أثار ردتي فعل سورية والعراق، والذي سيقلل حصة سورية من نهر الفرات بنسبة 40 في المائة، وحصة العراق بنسبة 80 في المائة، وذلك بعد تنفيذ خطة المشروع بالكامل، ويهدف إلى بناء 21 سدًا صغيرًا وكبيرًا ، والعديد من أنظمة الري [13]. ازداد قلق العراق وسورية في عام 1990 حين بدأت المياه التي تتدفق لهذين البلدين في الانحسار بعد بناء سد أتاتورك الذي يُعدّ أكبر سدّ في مشروع “GAP”، وهذا ما دفع البلدين إلى نقل انشغالهما للساحة الدولية، غير أنهما لم يحظيا بنتائج تذكر حينها. يُعزى السبب الرئيسي لمشكلة المياه بين العراق وسورية وتركيا إلى رؤية تركيا لنهري دجلة والفرات كمياه وطنية تقع ضمن حقوقها السيادية المطلقة، بينما تنظر العراق وسورية لمياه النهرين كمياه دولية لهما حق مكتسب من الاستفادة منها [14].

لذلك، قررت القيادة السورية استخدام بطاقة “حزب العمال الكردستاني” للحصول على المياه التي تطلبها في نطاق المياه العابرة للحدود، وأعطت تنظيم حزب العمال الكردستاني الحق في إنشاء قواعد له في سورية، ما زاد من قوة التنظيم، وضاعف الحوادث الإرهابية في تركيا بشكل ملحوظ في الثمانينيات [15]. حاولت الحكومة التركية حينها التخفيف من حدة النزاع، من خلال زيارة رئيس الوزراء، تورغوت أوزال (المنتخب حديثًا حينها)، لدمشق في عام 1987، ووقّع مع الجانب السوري اتفاقيتين تتعلقان بتعاون اقتصادي وأمني شامل بين البلدين. أهم بنود الاتفاق الأمني: تعهد الطرفان بعدم السماح لمنظمات إرهابية بممارسة أنشطة داخل أراضيها ضد الطرف الآخر، وتسليم الأشخاص المرتبطين بالإرهاب. أما الاتفاق الاقتصادي، فينص على إعطاء سورية “500 متر مكعب من المياه في الثانية” [16]. غير أن بروتوكول الأمن مع سورية لم يؤت أُكله بالنسبة لتركيا. إذ استمرت القيادة السورية بالسماح لأعضاء حزب العمال الكردستاني بالتنقل بين تركيا وسورية [17]. وفي عام 1990، واصلت سورية والعراق حديثهما في المحافل الدولية عن أن تركيا تحرمهما من حقوقهم الكاملة في المياه، وتستخدمها كوسيلة للضغط على جيرانها. حدثت بعض المبادرات لحل القضية، مثل قيادة تركيا لمؤتمر الشرق الأوسط للمياه عام 1991، غير أنه لم يلق ترحيبا عربيًا، ومن ثم ما يزال عدم اليقين والخلاف بين البلدان الثلاثة (تركيا، سورية، العراق) بشأن تقاسم المياه العابرة للحدود دون حل [18].

قضية حزب العمال الكردستاني:

لاشك أن المسألة الكردية من أعقد المسائل في الشرق الأوسط وأقدمها أيضًا. فهي لا ترتبط تمامًا بظهور حزب العمال الكردستاني الذي أُسّس على يد عبد الله أوجلان في عام 1978، إنما تعود لسنوات تأسيس الجمهورية التركية التي وافقت على طلبات الإنجليز والفرنسيين بإعطاء الأكراد حق إنشاء دولة تبعًا لمعاهدة سيفر 1920، ثم تراجعت عن هذه الخطوة تمامًا في اتفاقية لوزان عام 1923 [19]. بدأ حزب العمال الكردستاني في التمرد على الدولة التركية من خلال شنّ هجمات مسلحة طويلة الأمد في منطقة جنوب شرق الأناضول عام 1984 [20]، وذلك بهدف إقامة دولة مستقلة للأكراد، مُتّبعًا إستراتيجية حرب العصابات. وجد هذا التنظيم الدعم الذي كان يسعى له من سورية، وتسبب في تمزيق السياسة التركية الداخلية والخارجية بشكل كبير. يمكن تفسير دعم سورية لهذا التنظيم بثلاثة أسباب: أولها استخدام التنظيم كورقة ضغط ضد تركيا في قضية المياه المتنازع عليها؛ والثاني إظهار ردة فعل رافضة لإلحاق هاتاي (لواء إسكندرون) بتركيا عام 1939؛ والأخير الردّ على التقارب التركي الإسرائيلي.

مع تزايد الأنشطة الإرهابية في تركيا منذ عام 1984، وقّعت تركيا بقيادة الرئيس آنذاك كنعان إيفرين مع سورية بقيادة حافظ الأسد، في عام 1985، على بروتوكول أمن الحدود، وهو “اتفاقية تنص على التعاون في مكافحة الإرهاب” [21]. غير أن الجانب السوري لم يلتزم بالاتفاق تمامًا، واستمر بتقديم الدعم المالي واللوجستي والإسكاني لتنظيم “العمال الكردستاني”. كان العراق وسورية قلقين من استكمال تركيا بناء سد كاراكايا في عام 1987، الذي سيسبب خفض حصتهما من المياه بنسبة 27 في المائة، لذا، احتجتا على هذه الخطوة التركية، وفي الفترة نفسها، كانت هناك زيادة في أنشطة التنظيمات الإرهابية في تركيا. لهذا السبب قام رئيس وزراء تلك الفترة، تورغوت أوزال، بزيارة دمشق وتم التوقيع على بروتوكولين. وفقًا للبروتوكول الخاص بالأمن، لن تسمح الأطراف بالقيام بأنشطة إرهابية ضد الطرف الآخر داخل أراضيها، وسيتم تسليم الأشخاص المرتبطين بالإرهاب [22]. وبحسب بروتوكول التعاون الاقتصادي، ستمنح تركيا 500 متر مكعب من المياه لسورية في الثانية. ومع ذلك، وعلى الرغم من البروتوكولات الموقعة، استمرت سورية في التسامح مع انتقال مسلحي الكردستاني إلى تركيا ولم تُعد الأشخاص المعنيين إلى تركيا. وفي أعقاب نهاية الحرب الباردة، بعد حرب الخليج بين 1990-1991 ، تسبب فراغ السلطة الذي حدث في العراق في قيام منظمة حزب العمال الكردستاني بتحويل مركز قوتها من سورية إلى العراق. ولأن تشكيل دولة كردية محتملة في العراق يسبب تهديدًا لسورية التي بدأت تفقد سيطرتها على حزب العمال الكردستاني، وقّعت اتفاقية أمنية مع تركيا لإنهاء تنظيم حزب العمال الكردستاني بشكل عام، وتدمير معسكراته. وعلى الرغم من قبول سورية تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، في عام 1992 ، فقد استمرت في دعمه على الرغم من كل التحذيرات، وردت على مذكرة تركية تطالب بتسليمها زعيم الحزب بأن “أوجلان ليس في أراضيها وهي لا تدعمه” [23]. تسارعت الأحداث مع التقارب بين سورية واليونان في محاولة لبناء تحالف معها ضدّ تركيا، كما تقربت الأخيرة من إسرائيل التي تعتبر على نزاع تاريخي مع سورية، وتزامن ذلك مع زيادة تنظيم حزب العمال الكردستاني لأنشطته في إقليم “هاتاي”، وهذا ما دفع تركيا إلى حشد أرتال عسكرية ضخمة على حدودها مع سورية [24]، وبذلك بلغ التوتر أوجه في هذه المرحلة بين تركيا وسورية. وقد تبنّت بعض الدول، أبرزها مصر وإيران، دور الوساطة، وبدؤوا في البحث عن حلول دبلوماسية لهذه العملية المعروفة بـ “أزمة أكتوبر”. وزار الرئيس المصري حسني مبارك ووزير الخارجية الإيراني كمال خرازي أنقرة ودمشق لإنهاء الأزمة. والنتيجة هي توصل الطرفين التركي والسوري لتفاهم من خلال القنوات الدبلوماسية، نتيجة للمفاوضات التي عقدت، في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1998، والتي سميت لاحقًا بـ “اتفاقية أضنة”، حيث أعلنت الحكومة السورية أن أوجلان لم يعد داخل حدود سورية، وأنها تتعهد بمنعه من الدخول في الوقت نفسه. وتم الإعلان عن إغلاق جميع مراكز حزب العمال الكردستاني، ومنعه من إقامة معسكرات في سورية مرة أخرى [25]. تُشكّل اتفاقية أضنة نقطة تحول كبيرة في العلاقات بين الدولتين، لكونها فتحت أفقًا لحل الأزمة بين البلدين قبل أن تتحول إلى حرب. ومع تراجع قضية حزب العمال الكردستاني في العلاقات الثنائية، ساد التعاون والمصالحة بين البلدين عوضًا عن التوتر المتزايد الذي سيطر على العلاقات منذ الثمانينيات.

التحول التاريخي في مسار العلاقات منذ مطلع الألفية الجديدة (2000) حتى بداية الربيع العربي:

شكّل كتاب أحمد داوود أوغلو “العمق الإستراتيجي” ملامح الفترة التي اتسمت بها سياسة تركيا الخارجية بين 2002-2011. إذ بنى داوود أوغلو سياسة خارجية قائمة على القوة الناعمة بما يتماشى مع دبلوماسية الفوز للجميع وتعظيم التعاون. كانت المراجعة الجديدة للسياسة الخارجية بمنزلة اختبار للعلاقات مع سورية. وقد لوحظ أن سياسة “صفر مشكلات مع الجيران” قد دفعت العلاقات التركية السورية إلى مستوى متقدم، بعد تطبيعها بموجب اتفاق أضنة. فقد حضر الرئيس التركي نجدت سيزار جنازة حافظ الأسد في سورية عام 2000، واستمرت العلاقات بالتعافي، ثم بدأت في التطور لتصل إلى مستوى الشراكة الإقليمية. ومع وصول بشار الأسد إلى السلطة في سورية، في عام 2000، وتولي حزب العدالة والتنمية (AKP) مقاليد السلطة في تركيا، في عام 2002، اكتسبت الزيارات الثنائية “على مستوى رفيع” زخمًا [26]. فقد قام بشار الأسد بزيارة رسمية إلى أنقرة، عام 2004، في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة، لاعتباره أول رئيس سوري يزور تركيا منذ الاستقلال [27].

ازدادت التجارة المتبادلة بين البلدين من 643 مليون دولار إلى 2.5 مليار دولار في 2010، نتيجة لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة في عام 2004 [28]. علاوة على ذلك، أعلنت كلتا الحكومتين إلغاء التأشيرات بين البلدين، في عام 2009، وأسستا “مجلس تعاون إستراتيجي رفيع المستوى” في العام نفسه [29]. وعلى الرغم من تحميل سورية مسؤولية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في عام 2005، وتعرضها لضغط دولي، حافظت تركيا على علاقتها المتقدمة مع سورية. واستضافت أيضًا المفاوضات السورية الإسرائيلية في عام 2008 [30]، أي باختصار، أولت أهمية حقيقية لاستقرار سورية. إضافة إلى ذلك، قدّمت تركيا لسورية توصيات من أجل إلغاء حالة الطوارئ التي كانت قائمة منذ ما يقرب من 40 عامًا في ذلك الوقت، وإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية باسم التحول الديمقراطي [31]، غير أن تجاهل حكومة الأسد هذه التوصيات كان على الأرجح سبب الحرب المستمرة في سورية منذ حوالي 10 سنوات.

امتدت الانتفاضات الشعبية التي بدأت في تونس، نهاية عام 2010، تدريجيًا إلى دول عربية أخرى. وفي أوائل عام 2011 ، عندما لم يكن الربيع العربي قد وصل بعد إلى سورية، توصلت الحكومتان السورية والتركية لاتفاقات تنموية كثيرة أبرزها: إنشاء بوابة جمركية جديدة بين البلدين (نصيبين – القامشلي)؛ إنشاء بنك مشترك سوري – تركي؛ ربط مدينة حلب السورية وغازي عنتاب التركية بقطار سريع؛ مد خطوط شبكات غاز طبيعي بين البلدين؛ بناء سدّ الصداقة على نهر العاصي [32]. لكن الاحتجاجات الشعبية التي أُطلق عليها “الربيع العربي” نسفت كلّ التقدم الذي حصل في العلاقات بين البلدين. فقد اندلعت تظاهرات في سورية مطالبة بالإصلاح وإطلاق الحريات في مارس 2011، وتعليقًا على الحدث قال أحمد داود أوغلو إن حقبة جديدة في الشرق الأوسط قد بدأت، وإن هذه الفترة يجب أن تدار بسلام [33]. ودعا الأسد إلى الإصلاح، لكنه لم يستطع الحصول على أي نتائج مرجوة. وفي نهاية أيار/ مايو 2011، اقترح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نظيره الأسد إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية، مبديًا استعداده للمساعدة في هذه التغييرات [34]. إذ واصلت الحكومة التركية، التي كانت حريصة على توخي الحذر الشديد بشأن سورية، تكرار دعوتها للإصلاح، غير أن تجاهل الأسد لدعوات الإصلاح، من قبل تركيا والمجتمع الدولي عمومًا، أدى إلى انفجار الوضع تمامًا في البلاد.

ومنذ ذلك الوقت، انقلبت علاقات الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وسورية إلى عداء شرس تطور إلى دخول تركيا الأراضي السورية من دون رضا نظام الأسد في مرحلة لاحقة. وفرضت تركيا عقوبات على سورية لردع النظام السوري عن استخدام العنف المفرط، والتراجع عن سياسة القتل الممنهج، وذلك بتقريرها لما يلي: “تجميد التعاون رفيع المستوى بين البلدين، حظر أعضاء القيادة في سورية من دخول البلاد، وتجميد الأصول الرسمية السورية في تركيا، ووقف بيع جميع أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش السوري، وقطع العلاقات مع البنك المركزي السوري، ووقف التعاملات مع البنك التجاري السوري، وتعليق اتفاقية القرض الموقعة لتمويل مشاريع البنى التحتية في سورية” [35].

بعد حزمة العقوبات، علقّت أنقرة اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين في حزيران/ يونيو 2012، وذلك بعد أن أسقطت سورية طائرة مقاتلة من طراز F4 تابعة للقوات المسلحة التركية، بحجة أنها “خرقت الأجواء السورية”. كانت ردة فعل الحكومة التركية الحصول على تفويض من البرلمان يخوّل الحكومة إعطاء أوامر للقوات المسلحة بدخول سورية في حال تكررت هذه الحادثة [36]. ومنذ تلك الحادثة، بدأت تركيا في العمل على إطاحة نظام الأسد داعية المجتمع الدولي للتدخل العسكري في سورية. لكن استعمال حق النقض من روسيا والصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان كفيلًا بمنع صدور أي قرار يستهدف إسقاط النظام السوري، وهذا ما دفع الولايات المتحدة الأميركية وتركيا إلى دعم الجيش السوري الحر الذي شُكّل بعد انشقاقات عن الجيش النظامي السوري. لكن بروز تنظيم داعش وتنظيمات كردية مسلحة بالقرب من الحدود التركية، عام 2015، شكّل مشكلات أمنية خطرة لتركيا، وقلقًا من نشوء دولة “كردية” قد تتسبب بتهديد الأمن القومي التركي ووحدة أراضي البلاد.

خلاصة:

اتسمت العلاقات التركية السورية تاريخيًا بالتشنج بسبب مسألة إقليم هاتاي وقضيتي المياه وتنظيم حزب العمال الكردستاني. لكن العقد الذي سبق الربيع العربي كان بمنزلة صفحة جديدة ناصعة البياض في تاريخ العلاقات بين البلدين. فقد وقّعت الدولتان اتفاقيات اقتصاية وتجارية، وتبادلتا الزيارات على أعلى مستوى من القيادتين. ولكن، مع بداية الربيع، أصيبت تركيا بخيبة أمل عندما لم تفلح في إقناع نظام الأسد بالإصلاح والتعامل مع المتظاهرين المطالبين بالحرية والإصلاح بطريقة سلمية. تدرك أنقرة أن الأمور في سورية لم تسر كما توقعت. فموقفها المناهض بقوة للنظام السوري، ودعواتها الدولية للتدخل ضده، تشير إلى أنها توقعت سقوط النظام خلال مدة قصيرة، ولذلك تخلّت عن سياسة “صفر مشكلات مع الجيران” التي اتبعتها حوالي 10 سنوات، لتتحول إلى “جيران بدون مشكلات/ صِفر مشكلات”. عاشت تركيا حالة من عدم اليقين في سياستها الخارجية مدة من الوقت. ففي البداية، استخدمت خطابًا يدعو إلى سورية من دون الأسد، ودعمت المعارضين لإطاحة نظام الأسد. لكن سيطرة تنظيم داعش على معظم مناطق سورية، في عام 2014، وتعاون الولايات المتحدة الأميركية مع وحدات حماية الشعب/ حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تصفه أنقرة بـ “الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني”، غيّر أولويات تركيا في سورية؛ فبات هاجسها الأكبر نشوء دولة كردية على طول حدودها مع سورية. وفي الختام، إن رفض القيادة السورية دعوات تركيا للإصلاح والتعامل مع المحتجين من دون عنف، تسبب في انهيار العلاقات بين البلدين. وإن عدم الاستقرار في سورية جعل تركيا تواجه خطر “الإرهاب” القادم من سورية مجددًا؛ حيث استغلت التنظيمات المسلحة في سورية فراغ السلطة، وهذا خلق لدى أنقرة قلقًا تطوّر إلى مسألة “أمن قومي”، فدفع الأخيرة إلى التوغل في الشمال السوري عسكريًا، لتعود علاقاتها مع سورية إلى فترة ما قبل 1998.

المراجع والمصادر

– Ataman, Muhittin, ve Çağatay Özdemir. “Turkey’s Syrian Policy: Shifting Priorities, Constant Objectives”. Türkiye Ortadoğu Çalışmaları Dergisi 5, sy 2 (28 Aralık 2018). https://doi.org/10.26513/tocd.466046.

– Aytemiz, L. ve Kodaman, T. (2006). Sınır Aşan Sular Kullanımı ve Türkiye-Suriye İlişkileri, TMMOB Su Politikaları Kongresi.

– Dayi, S. Esin- Hatay Develti ve Hatayın Anavanta Katılması”. Erişim 29 Nisan 2021. https://bit.ly/3lnrgtt.

– “Erdogan Urges Assad to Hasten Reform,” March 28, 2011. https://on.ft.com/3ypTlo0.

– Erkin, Feridun Cemal. “Dışişlerinde 34 Yıl Anılar-Yorumlar”, C.1, Ankara, 1980, s.105.

– Eskioğlu, Remziye. “Arap Baharına Kadar Türkiye-Suriye İlişkileri”, Çağ Üniversitesi Sosyal Bilimler Dergisi Cilt 16, Sayı 1, ss. 70-80, 201

– Gökcan, Ö. (2018). Türkiye-Suriye İlişkilerinde Bir Kırılma Noktası: Ekim 1998 Krizi Veya Diğer Bir İfadeyle “İlan Edilmemiş Savaş”, Akademik İncelemeler Dergisi, 13(1), 169-198.

– Jongerden, Joost. “Dams and Politics in Turkey: Utilizing Water, Developing Conflict”. Middle East Policy 17, sy 1 (15 Mart 2010): 137-43. https://bit.ly/3xjwlpl.

– Karabulut, U., Eryılmaz, E. (2016). PKK Terör Örgütü ve Türkiye-Suriye İlişkilerine Etkileri (1991- 2003), BELGİ, 11.

– Gunter, Michael M. “The Continuing Kurdish Problem in Turkey after O¨calan’s Capture”. Third World Quarterly 21, sy 5 (Ekim 2000): 849-69. https://doi.org/10.1080/713701074.

– “Syria Unrest: Turkey Presses Assad to End Crackdown – BBC News.” Accessed April 30, 2021. https://bbc.in/3zZLVYH.

– Tür, Özlem. “TURKISH-SYRIAN RELATIONS – WHERE ARE WE GOING?” UNISCI Discussion Papers, 2010, 14.

– “Türkiye-Suriye İlişkileri: İnişler ve Çıkışlar”, 6 Ocak 2014, Aljazeera Türk, https://bit.ly/3A2gPzE, Erişim Tarihi: 07.05.2019

– Umar, Ömer Osman. “Atatürk’s The Middle East Politics In The Republic Period”, 2010

– Yavuz, B. (1992). 1921 Tarihli Türk-Fransız Anlaşması’nın Hazırlık Aşamaları”, Atatürk Araştırma Merkezi Dergisi.

  • – “البرلمان التركي يوافق على السماح بتدخل عسكري في سورية”، دي دبليو الألمانية، تاريخ الوصول 30 أبريل، 2021. https://bit.ly/3uaxQVW
  • – “أنقرة تفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشار الأسد”, فرانس 24، 30 نوفمبر، 2011. https://bit.ly/37djVVd.
  • – طه السويداني، حامد محمد. “العلاقات التركية السورية 1998- 2011، دراسات إقليمية، جامعة الموصل، 8. https://bit.ly/2VgeT87
  • – “نحو مقاربة جديدة لحل المسألة الكردية”، مركز الجزيرة للدراسات، تاريخ الوصول 29 أبريل، 2021. https://bit.ly/3C6jIkY

الهوامش:

[1] Özkan Gökcan, “Türkiye-Suriye İlişkilerinde Bir Kırılma Noktası: Ekim 1998 Krizi Veya Diğer Bir İfadeyle “İlan Edilmemiş Savaş”, Akademik İncelemeler Dergisi, Cilt 13, Sayı 1, Mars 20, 2018, 191.

[2] S. Esin Dayı, “ Hatay Devleti ve Hatay’ın Anavatan’a Katılması”,Türkiyat Araştırmaları Enstitüsü Dergisi, Sayı 19, Erzurum, 2002, 332.

[3] Dayı, “ Hatay Devleti ve Hatay’ın Anavatan’a Katılması”, 337.

[4] Ömer Osman Umar, “Atatürk’s The Middle East Politics In The Republic Period”, 2010, 37.

[5] Umar, “Atatürk’s The Middle East Politics In The Republic Period”, 2010, 51, 52.

[6] Umar, 51.

[7] Umar, 51.

[8] Umar, 53.

[9] Feridun Cemal Erkin, “Dışişlerinde 34 Yıl Anılar-Yorumlar”, C.1, Ankara, 1980, s.105.

[10] Umar, 53.

[11] Remziye Eskioğlu, “Arap Baharına Kadar Türkiye-Suriye İlişkileri”, Çağ Üniversitesi Sosyal Bilimler Dergisi

Cilt 16, Sayı 1, ss. 70-80, 201, s.73.

[12] Eskioğlu, “Arap Baharına Kadar Türkiye-Suriye İlişkileri”, s.73.

[13] Eskioğlu, s. 73.

[14] Levent Aytemiz ve Timuçin Kodaman, “SINIR AŞAN SULAR KULLANIMI VE TÜRKİYE- SURİYE İLİŞKİLERİ”, TMMOB Su Politikaları Kongresi, s. 528.

[15] Eskioğlu, s.74.

[16] Aytemiz ve Kodaman, “SINIR AŞAN SULAR KULLANIMI VE TÜRKİYE- SURİYE İLİŞKİLERİ”, s. 533.

[17] Eskioğlu, s. 74.

[18] Eskioğlu, s. 74.

[19] “نحو مقاربة جديدة لحل المسألة الكردية”، مركز الجزيرة للدراسات، تاريخ الوصول 29 أبريل، 2021، https://bit.ly/3C6jIkY.

[20] Michael M Gunter, “The Continuing Kurdish Problem in Turkey after O¨calan’s Capture,” Third World Quarterly 21, no. 5 (October 2000): 849. https://doi.org/10.1080/713701074.

[21] Umut Karabulut ve Engin Eryilmaz, “PKK TERÖR ÖRGÜTÜ VE TÜRKİYE-SURİYE İLİŞKİLERİNE ETKİLERİ (1991-2003)”, 26.

[22] Gökcan, “Türkiye-Suriye İlişkilerinde Bir Kırılma Noktası: Ekim 1998 Krizi Veya Diğer Bir İfadeyle “İlan Edilmemiş Savaş”, s. 178, 179.

[23] Karabulut ve Eryilmaz, s. 29.

[24] Özkan Gökcan, “Türkiye-Suriye İlişkilerinde Bir Kırılma Noktası: Ekim 1998 Krizi Veya Diğer Bir İfadeyle “İlan Edilmemiş Savaş”, s. 184.

[25] حامد محمد طه السويداني، “العلاقات التركية السورية 1998- 2011، دراسات إقليمية، جامعة الموصل، 8. https://bit.ly/2VgeT87

[26] “Türkiye-Suriye ilişkileri: İnişler ve çıkışlar | Al Jazeera Turk – Ortadoğu, Kafkasya, Balkanlar, Türkiye ve çevresindeki bölgeden son dakika haberleri ve analizler”, erişim 29 Nisan 2021, https://bit.ly/3A2gPzE.

[27] Karabulut ve Eryilmaz, s. 35.

[28] Muhittin Ataman ve Çağatay Özdemir, “Turkey’s Syrian Policy: Shifting Priorities, Constant Objectives”, Türkiye Ortadoğu Çalışmaları Dergisi 5, sy 2 (28 Aralık 2018), s. 16. https://doi.org/10.26513/tocd.466046.

[29] Eskioğlu, s. 76, 77.

[30] Özlem Tür, “TURKISH-SYRIAN RELATIONS – WHERE ARE WE GOING?”, UNISCI Discussion Papers, 2010, s. 10.

[31] “الموقف التركي من سورية: دقت ساعة الحقيقة”، مركز الجزيرة للدراسات، تاريخ الوصول 30 أبريل، 2021، http://studies.aljazeera.net/ar/article/424.

[32] Eskioğlu, s. 77.

[33] “Syria Unrest: Turkey Presses Assad to End Crackdown – BBC News,” accessed April 30, 2021, https://bbc.in/3zZLVYH.

[34] “Erdogan Urges Assad to Hasten Reform,” March 28, 2011, https://on.ft.com/3ypTlo0.

[35] “أنقرة تفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشار الأسد”، فرانس 24، 30 نوفمبر، 2011، https://bit.ly/37djVVd.

[36] “البرلمان التركي يوافق على السماح بتدخل عسكري في سوريا”، دي دبليو الألمانية، تاريخ الوصول 30 أبريل، 2021. https://bit.ly/3uaxQVW