المحتويات:
المقدمة
أولًا – إطار البحث:
ثانيًا – مظاهر العنف وأسبابه:
ثالثا – العنف والإيذاء في الأسرة في أثناء الجائحة
رابعًا – العنف الأسري والقيم الإنسانية
خامسًا- علاقة الفقر بالتعنيف
سادسًا – تأويل النتائج
الخاتمة
الملخص:
على إثر المعاناة الناتجة من العنف الممارس على النساء والفتيات في أثناء جائحة كوفيد-19، أجرينا هذه الدراسة لتحديد الفئات الأكثر عرضة لهذه الظاهرة وأسبابها، في ظل الفقر وأوضاع الحجر المنزلي الهشة. وانطلاقًا من كون المساحة السكنية الضيقة تجعل ظاهرة العنف الأسري أكثر تفاقمًا، أجرينا دراسة سوسيولوجية- إمبيريقية تعتمد على الوصف والتحليل للوقوف على واقع العنف الأسري. وقد شملت الدراسة عينة من النساء تواصلن مع بعض مراكز الاستماع إلى النساء، التابعة لثلاث جمعيات في جهة الرباط، ووزع استبيان إلكتروني باستخدام تقنية Google Forms. وتبين أن مشاكل هذه الفئة ناتجة من الفقر والأمية والفوارق الاقتصادية وعدم صون الكرامة وغياب المساواة بين الجنسين.
المقدمة:
عرف تاريخ الإنسانية عددًا من الاكتشافات في المجالات العلمية المختلفة، مكنت الإنسان من مواجهة الأخطار التي تهدد صحته وراحته، كما عرفت المجتمعات انتقالات نوعية لتمكينه من العيش بسلام وحرية وكرامة. وقد تمكن الإنسان من مواجهة عدد من الأمراض والأوبئة عبر التاريخ، لكن في الآونة الأخيرة بدأت جائحة كوفيد- 19 التي تابعها العالم عندما ظهرت في الصين الشعبية. وفجأة اتُخذ عدد من الإجراءات من طرف معظم الدول لمنع مواطناتها ومواطنيها من التنقل، بل وفُرض الحجر المنزلي عليهن/ هم، وخلق جو من الخوف والهلع في داخل المجتمعات، بل حتى في داخل الأسرة التي تعد وحدة اجتماعية ذات هوية مشتركة من ناحية القيم والتقاليد وتربط بين أعضائها علاقات والتزامات اقتصادية واجتماعية، ويشكل أي اختلال في توازنها سببًا رئيسًا في ظهور ظاهرة العنف في المجتمع. وفي مرحلة الحجر المنزلي، الذي جرى اللجوء إليه لمحاصرة انتشار الجائحة، ظهرت في داخل الأسر اختلالات عدة؛ ما جعل مجموعة من تنظيمات المجتمع المدني الوطنية والدولية تدق ناقوس الخطر بالنسبة إلى ظاهرة العنف الأسري، كما أطلقت تحذيرات من تزايد وقائع العنف ضد النساء بتوجيهها رسائل إلى الحكومة أشارت فيها إلى أن “معدّل العنف تجاه النساء جدّ مرتفع خلال هذه المرحلة، وأنه من المرجح أن تزداد وتيرته بسبب التوترات التي بدأت تظهر جليةً في داخل الأسر نتيجة الضغوط النفسية المترتبة عن وضعية الحجر المنزلي”[1]. وفي الوقت نفسه، أُعلِنَ عن أرقام هاتفية خضراء وعن إنشاء منصات تواصل الاجتماعي للعمل عن قرب، إضافة إلى خلايا إنصات للمواكبة والإرشاد والتوجيه وتقديم الدعم النفسي للنساء المعنفات. كما أعلنت هيئات وطنية أنها «خلال المدة الممتدة بين 16 مارس و24 أبريل 2020، استقبلت عبر مختلف الخطوط الهاتفية التي وضعتها رهن إشارة النساء 240 اتصالًا هاتفيًا للتصريح بالعنف من 230 امرأة عبر مختلف التراب الوطني»[2]. أنشأت رئاسة النيابة العامة بدورها منصة إلكترونية لتلقي شكايات العنف ضد النساء في هذه المرحلة. وبعد تسجيل أعداد متزايدة من العنف على الفتيات والنساء، أطلقت ناشطات وناشطون في المجال المدني ومؤسسات وطنية حملات ونداءات في هذه المرحلة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر حملات «عاون بلادك وخليك فدارك بلا عنف»، و«اسمعني كذلك»، و«كلنا معك»[3]–[4].
وفي المدة نفسها، عرفت جميع أرجاء العالم انتشارًا[5] هائلًا لظاهرة العنف الأسري؛ ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى التنديد باستفحال هذه الظاهرة، إذ دعا الحكومات “إلى جعل سلامة النساء ذات أولوية في خطة عملها لمواجهة الجائحة”[6]. ووفق تقرير الأمم المتحدة، فقد سجلت بعض الإحصاءات زيادة كبيرة لهذا الشكل من العنف في عدد من البلدان. ويبدو أن السبب يعود إلى زيادة القلق والتوتر الناجم عن فقدان الأمن الاجتماعي والصحي، إضافة إلى ضياع وظائف وخسارة بالنسبة إلى عدد من المقاولات بعد اتخاذ تدابير وإجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي. في ظل هذا الوضع، توقف عدد من المرافق والخدمات الاجتماعية، إما تمامًا أو بالاعتماد على العمل عن بعد، وتقلص استقبال عدد من الفئات الاجتماعية المتضررة؛ ومن ثم أصبح من الصعب الحصول على معطيات رسمية بخصوص ظاهرة العنف في المغرب. ويبقى السؤال المطروح هو كيف تحول عدد من الأسر النووية من منبع حيوي للراحة والأمان والتعاطف إلى مصدر استغلال وتنكيل في ظل اللامساواة؟
أولًا – إطار البحث:
ما دفعنا إلى الاهتمام بموضوع العنف في أثناء الحجر المنزلي هو ارتباط ممارسته، من جهة، ارتباطًا وثيقًا بالأسرة التي تعد نواة المجتمع الأساسية؛ علمًا أنها إن صلحت، صلح المجتمع وإن فسدت، فسد؛ ومن جهة ثانية، دراسة مستوى العلاقات الأسرية لدى الفئات الهشة والعمال المياومين والاهتمام بإبراز مكامن الضعف على مستوى التشريعات القانونية الجنائية والوقوف على أبرز المعوقات التي حالت دون تمكين المعنفات من تبليغ الجهات المختصة عن ما عانينه ويعانينه؛ إذ أصبح العنف الأسري في مرحلة انتشار كوفيد-19 موضوعًا متداولًا نظرًا إلى تأثير الإجهاد النفسي والمادي على الأسر المغربية وتخليص الأفراد من نمطية الحياة اليومية لمدة قد تتجاوز ثلاثة أشهر، واستنادًا إلى ما يشاهد وما يثيره الإعلام وما يروج في شبكات التواصل الاجتماعي وما يشكل محاور ندوات عدة تفاعلية عن بعد عبر الإنترنت. وبدورنا سنحاول إجراء دراسة سوسيولوجية- نفسية تعتمد على الوصف والتحليل والمقاربة الاجتماعية للوقوف على واقع العنف الممارس على الفتيات والنساء في أثناء الحجر المنزلي. كما سنعمل على تحديد مدى انعكاسات هذا الواقع عليهن وعلى وضعهن الاقتصادي انطلاقًا من فرضية إسهام ضيق المساحة السكنية في تفاقم العنف الأسري بأنواعه النفسي واللفظي والجنسي والاقتصادي، وعد المجتمع هذا العنف أمرًا أسريًا خاصًا لا يعني الآخرين؛ بحيث تجد المعنفات صعوبة في التبليغ عن ما عانينه؛ وفي حالة ظهور آثاره ومساءلتهن فإنهن تحاولن، في أغلب الأحيان، عدم كشف هوياتهن ويجدن أنفسهن مجبرات على الاستمرار في علاقة قد تؤذيهن وقد تتسبب في عواقب وخيمة لهن ولأطفالهن في ظل وضعهن الاقتصادي الهش. وقد اعتمدنا في دراستنا على أداة معالجة المحتوى وتحليله،[7] وعلى منهجية إمبيريقية تحليلية وصفية لواقع العنف الأسري على الفتيات والنساء باستعمال استبيان إلكتروني أعددناه ووزعناه على مراكز الاستماع التابعة للجمعيات الثلاث لدراسة الظاهرة باستخدام تقنية Google Forms. ومن الجدير بالذكر أن الاستبيان قد عرض على باحثات/ين وفي الوقت نفسه فاعلات/ين جمعويات/ين لهن/م صلة بالموضوع. وقد استغرق منا هذا البحث أربعة أسابيع في المدة بين 28 أيار/ مايو إلى 27 حزيران/ يونيو 2020. واقتصرت الدراسة على عينة من النساء اللواتي اتصلن أو تم الاتصال بهن من طرف مركز الاستماع للنساء ضحايا العنف المبني على النوع التابع لجمعية المحامون الشباب بمدينة الخميسات، وجمعيتي فدرالية رابطة حقوق النساء (فرع الرباط) واتحاد العمل النسائي (فرع الرباط). وتمثلت معوقات الدراسة في نسبة الأمية المرتفعة التي تحول دون استعمال الوسائل التكنولوجية للتبليغ عن العنف، وعدم امتلاك هواتف محمولة، وعد العنف من طرف الأخ أو الأب أو الزوج وعائلته نوعًا من (الهابيتوس) المسلم به من طرف بعض الفئات من الفتيات والنساء؛ وهو ما يعوق عملية التصريح أو التبليغ عن العنف، هذا إضافة إلى ارتباك في التواصل بسبب عدم التعود على العمل عن بعد، والخوف من العائلة، وعدم إتاحة أرقام الهواتف والمنصات الإلكترونية والعناوين بالنسبة إلى عدد كبير من النساء لتقديم الشكاوى عن بعد لافتقارهن إلى مهارات القراءة اللازمة، وصعوبة الوصول إلى النساء المعنفات في مرحلة الحجر الصحي في غياب أداة تواصل إلكترونية.
ثانيًا – مظاهر العنف وأسبابه:
يتعدد مفهوم العنف بتعدد السياقات والمناهج المستخدمة واختلاف الحقول المعرفية، إذ يُعكف على دراستها على غرار علم الاجتماع، علم النفس، علم النفس الاجتماعي، العلوم السياسية، العلاقات الدولية، العلوم القانونية والإدارية، علوم الإثنولوجيا والأنثروبولوجيا، ويخضع للمناقشة بحسب زاوية نظر كل حقل؛ ما يجعله يأخذ توجهات تفسيرية مختلفة ومتفاوتة[8]. ويعده ابن خلدون نزعة طبيعية بحسب قوله: “ومن أخلاق البشر فيهم الظلم والعدوان، بعض على بعض، فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه امتدت يده إلى أخذه إلى أن يصده وازع”[9]. كما اهتم بهذه الظاهرة في نظريته بتعريفه الصراع أنه هجوم البدو على الحضر وتأسيس الدولة، أما أسبابه فيربطها بالعصبية التي تعني “الالتحام الذي يوجب صلة الأرحام حتى تقع المناصرة”[10]. وفي اللغة العربية تعني كلمة (عنف) كل سلوك فعلي أو قولي[11] يتضمن معاني القسوة والشدة والتوبيخ واللوم والتقريع. وبحسب أدونيس العكرة، يعرف الباحثون العنف أنه “استخدام القوة بصورة غير مشروعة أو غير مطابقة للقانون. غير أن ربط العنف بالقانون بهدف تحديد طبيعته وتمييزه عن الأفعال غير العنيفة يثير مشكلات متعددة وكثيرًا من الاعتراضات التي يؤكدها الواقع ويشهد على صحتها.”[12] ويؤكد أن استخدام القوة يكون على شكلين؛ أحدهما مشروع كما في حالات الثورات والتحرر والثاني غير مشروع كالإرهاب. ويرتبط تعريفه بالأغراض المراد استهدافها وباختلاف أبعاده. بالنسبة إلى فرويد،[13] فالعنف هو القوة التي تهاجم مباشرة شخص الآخرين وخيراتهم بقصد السيطرة عليهم بواسطة الموت والتدمير والإخضاع أو الهزيمة. ويتولد عادة عند الفرد لدى إحساسه بالعجز والتقصير والفشل وعدم تمكنه من تحمل المسؤولية؛ إذ يصبح اللجوء إليه وسيلة للإفلات من مأزقه وإعادة الاعتبار المفقود إلى الذات. وهكذا يكون العنف إما عشوائيًا مدمرًا أو يدخل في إطار بناء يوظف لتغيير الواقع. فبحسب فرويد، إن النزوتين الأساسيتين اللتين توجهان الكائن الحي وتمدانه بالطاقة الحيوية هما نزوة الجنس (Eros) “المسؤولة عن كل رباط إيجابي مع الآخرين، عن كل علاقة عاطفية متعاطفة، هي المسؤولة عن التقارب والتوحيد والتجميع وتكوين وحدات حية أكبر فأكبر”،[14] ونزوة الموت (Thanatos) “تهدف إلى التدمير، إلى تفكيك الكائن الحي والعودة به إلى وضعية الجماد”[15]. وبحسب نوال السعداوي، “إن علم الأجناس في السنوات الأخيرة توصل إلى نتائج وشواهد كثيرة أثبتت زيف بعض الافتراضات المبدئية لفرويد ومنها غريزتا الجنس والموت.”[16] أما فرج عبد القادر طه[17] فيرى أن العنف سلوك مشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه، وتستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثمارًا صريحًا بدائيًا. ويمكن أن يكون العنف فرديًا أو أن يصدر عن هيئة أو مؤسسة. فيلاحظ حضور كثيف لمفاهيم العنف في ممارسات السلطة الحاكمة[18] الدالة على الاستبداد[19]. أما الطرح السيكولوجي والنفسي فيرى فعلًا إنسانيًا ناتجًا من الفرد في الدرجة الأولى، وقد تناوله هذا الحقل بوصفه إحدى الفعاليات الإنسانية وبصفته جانبًا مهمًا في الحياة النفسية للإنسان. واستنادًا إلى مظاهره السائدة فقد عرّفه بعض الكتاب أنه “الاستعمال غير القانوني لوسائل القسر المادي أو البدني ابتغاء تحقيق غايات شخصية أو جماعية، وأنه في جوانبه النفسية يحمل معنى من معاني التوتر والانفجار، يسهم في تأجيجها في داخل الفرد أو الجماعة عوامل كثيرة أبرزها هذا العالم الحديث المنقسم على نفسه، الذي يعيش فيه إنسان اليوم، عالم التناقضات السياسية والاقتصادية والعقائدية”[20]. كما أن مقترفي العنف غالبًا ما يكون قد سبق لهم أن تعرضوا لاضطراب عقلي حاد وتكون دوافعهم عبارة عن خليط مشوش من الخيالات والشعور بالغبن،[21] ويرده البعض إلى التنشئة الأسرية أو إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية أو إلى الإقصاء والتهميش الاجتماعي الذى يطال الفرد في داخل المجتمع؛ بحيث يغدو هو السبيل إلى الخروج من الأوضاع المزرية التي يعيشونها[22]. وبالنسبة إلى بيار بورديو، فينقسم إلى نوعين: عنف فيزيائي يلحق الضرر الجسدي و/أو العضوي و/أو المادي بالآخر، وعنف رمزي أو ناعم يمارس بطرق التواصل والمعرفة أو العاطفة الرمزية الصرفة.[23] أما المقاربات في مجال علم الاجتماع فتعد العنف ظاهرة ونمطًا من أنماط السلوك ونتيجة مباشرة له في مستوياته وأشكاله المختلفة. وتقتضي دراسته إعطاءه بعدًا اجتماعيًا تختلف تمظهراته من حيث المجالات الزمنية والمكانية والبشرية. وقد “ينظر إلى العنف بوصفه ظاهرة اجتماعية تتكون من عدد من أفعال مجموعة من الفاعلين تحدث في محيط معيّن تكون لها درجة من الاستمرار، بحيث تحتل مدة واضحة. وسواء نظرنا إلى العنف بوصفه نمطًا من أنماط السلوك أو ظاهرة اجتماعية فهو أحد المظاهر التي صاحبت الإنسان في مختلف حقب تواجده على سطح الأرض.”[24] وبقدر ما هو أحد مظاهر الوجود الإنساني، فإن حالاته متعددة على غرار العدوان والاستبداد والقمع والظلم والقتل والعبودية والإهانة والنفي والملاحقة والتعذيب. ويبدأ بالتهديد والمساومة مارًا بالتجريح والتجويع والكسر والإسكات والتكذيب والسب وقد يصل إلى القتل. وتختلف هذه الظاهرة بحسب الظروف والأزمات وما يتبعها من تغيرات عميقة في بنية المجتمعات ومنظوماتها القيمية والمعيارية؛ ما يشكل فضاء لتنامي الظاهرة على مستويات عدة وفي مجالات تفاعل الأفراد كالأسرة والمجتمع؛ حيث أصبح العنف أمرًا بدهيًا لفض أبسط أو أعقد مشاكل الحياة اليومية. وفي ظل غياب المساواة بين الجنسين وتبني عدد من المجتمعات مظاهر اجتماعية متأكلة، تفشى العنف ضد المرأة وأصبح يشكل حجر عثرة أمام تقدم الشعوب على الرغم من الجهد المبذول لتحقيق أهداف الألفية للتنمية، التي تؤكد ضرورة تأهيل النساء للتصدي للفقر والجوع والمرض والأمية ولكل أشكال التمييز ضدها. وتعرف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة أنه أيّ فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أم الخاصة[25]–[26] ويدل العنف المبني على النوع على تأكّل المقاييس والمعايير الأخلاقية لدى الفرد. ومن هنا نتساءل عن أسباب شيوع العنف الأسري وأشكال العنف القائم على النوع.
تمثل التنشئة الاجتماعية والتقاليد السائدة في المجتمع المغربي وغيره من المجتمعات سببًا رئيسًا في خلق خلل على مستوى الأنساق والقيم، وتفاوتات اجتماعية بين الأفراد تنتج منها هيمنة شخص على آخر أو جنس على آخر. ويعد هذا العنف أكثر خطورة من العنف المادي لأنه يدخل في إطار العادي وفي اللاشعور بالنسبة إلى ضحاياه أنفسهم.[27] وتأخذ أشكال من العنف كالعنف الأسري صفة شرعية مقبولة من المجتمع ومقوننة كقمع الدولة مواطناتها/يها المطالبات/ين بتحقيق بعض المطالب الأساسية. كما يعد توبيخ الزوجة عنفًا شرعيًا في بعض الثقافات بحيث قد تجد صعوبة في تمييز أنماط العلاقات غير الصحيحة ومخاطر سوء المعاملة. وتكتسي هذه السلوكات أبعادًا مختلفة من بينها سوء المعاملة العاطفية المتمثلة في حجب التواصل العاطفي وتجاهلها والتقليل منها. ولا يسمح بعض الأزواج للزوجة بالحصول على وظيفة حتى لا تضمن استقلالها؛ خوفًا من تمكنها من الاعتماد على نفسها والتمتع بحريتها في حالة دخولها في علاقات خاطئة، ومن ثم المساهمة في الارتقاء بالمجتمع عن طريق تربية أطفالها وتلقينهم مفاهيم كالمساواة بين بناتها وأبنائها في أعمال البيت بوصفه فضاء يستوجب مساهمة الجميع في أشغاله، والاستغناء عن الأفكار البالية التي تعد البيت فضاء خاصًا بالإناث. وترى نوال السعداوي أن البنت يجب أن تتلقى “التربية التي تنمي نفسها وعقلها وجسمها وتعدها للعمل في المجتمع والمشاركة في مختلف مجالات الحياة، ويتلقى الولد التربية نفسها.”[28] وبتلقين الأطفال العمل على تحقيق الاستقلال الذاتي في المستقبل، يمكن للمجتمع أن يضمن نشأة جيل جيد بأفكار وقيم ترسخ المساواة بين الجنسين وبين كل البشر. فالعنف الذي يحصل في الأسرة ويكون الطفل شاهدًا على ممارسته، وربما يكون ضحية له، يُولد الإحساس بعدم الأمان والطمأنينة والاضطرابات، ويؤثر على نموه المعرفي والعقلي. وتكشف “الدراسات في بعض أكبر البلدان في العالم النامي […] عن وجود علاقة قوية بين العنف ضد المرأة والعنف ضد الأطفال.”[29] غالبًا ما تتفاعل الأم المعنّفة مع أطفالها بخوف وحزن، وغالبًا ما تكون ا مفرطة في حماية طفلها، أو سريعة الاستجابة إلى طلباته، أو متشددة تسقط كل غضبها عليه. وقد أعطى فرويد أهمية كبرى للسنوات الخمس أو الست الأولى من حياة الطفل ليدخل في مرحلة الكمون التي تبدأ من 6 سنوات إلى 12 سنة؛ حيث يبدأ في تقمص الأدوار والتشبه بوالديه. ويعتقد أن “عملية التقمص للجنس المشابه ليست فقط أساسية للنمو الجنسي للطفل، بل هي مهمة أيضًا ليتشرب الطفل التقاليد وأعراف الوالدين”.[30]
ثالثا – العنف والإيذاء في الأسرة في أثناء الجائحة
في ظل الجائحة الناتجة من ظهور الفيروس التاجي، يعاني عدد من المجتمعات الهلع والخوف والألم نتيجة الإصابات الكثيرة بمرض كوفيد- 19. كما لجأ عدد من البلدان، من بينها المغرب، إلى إغلاق الحدود وإصدار قوانين لإجبار مواطناتها/يها على المكوث في البيت وعدم الخروج إلا للضرورة الملحة بعد تقديم وثائق رسمية؛ ومن ثم أصبح التباعد الاجتماعي والجغرافي سمتين أساسيتين ميزتا هذه المرحلة بحيث صار المسكن الملاذ الأول والأخير لتفادي خطر مجهري؛ ما جعل الأفراد يبحثون عن براديغمات جديدة ويعيدون النظر في سلوكاتهم اليومية وفي العلاقات مع محيطهم من أجل تفادي إيذاء أنفسهم أو تعنيف الآخر وبخاصة النساء، وهن الأكثر عرضة للعنف بحسب تقرير 2019 للمندوبية السامية للتخطيط، الذي يشير إلى أن نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف في منازلهن بلغت 52% (6,1 ملايين امرأة) وأن أكثر من 7,6 ملايين، من بين 13,4 مليون امرأة، تتراوح أعمارهنّ ما بين 15 و74 سنة، تعرّضن لنوع واحد من العنف على الأقلّ؛[31] أي ما يُمثّل 57% من النساء. وهذا يؤكد أن العنف الأسري ليس حديث العهد بل هو سلوك راسخ في التجربة الإنسانية منذ بدايات وجود البشر على ظهر الأرض، على الرغم من أن الأسرة هي الوسط الذي تتبلور فيه المبادئ الأساسية المساهمة في بناء كل مجتمع واللازمة لضمان استقراره وتقدمه. وينص تقرير المندوبية المعد في أثناء الجائحة[32] على أن 34% من الأسر المغربية (35% في الوسط القروي و33% في الوسط الحضري) لم يعد لديها أي مصدر للدخل نظرًا إلى توقف نشاطها الذي تجلت تداعياته على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للأفراد، خصوصًا المنتمين إلى الفئات الفقيرة والهشة. وفي ظل هذه الأوضاع، يتعرض الأطفال والنساء لمزيد من المخاطر والضغوطات في داخل المنازل بعد افتقادهن/م إمكانات الخروج من المنزل إلى فضاءات الترفيه، أو الذهاب إلى المدرسة أو إلى العمل. وتؤكد الإسكوا بدورها شيوع هذه المعاناة في جميع أنحاء العالم. “ففي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، تعرض 37% من النساء للعنف الجسدي و/أو الجنسي على يد الزوج/الشريك. وللعنف الأسري تداعيات اقتصادية كبيرة على الأفراد والمجتمع المحلي والمجتمع ككل، إضافة إلى كونه قضية انتهاك لحقوق الإنسان والصحة العامة”.[33] وتتعرض النساء للعنف من طرف الشريك الحميم وتزداد المخاطر في أوقات الأزمات حيث يصبح من الصعب على الأشخاص من خارج دائرة الأسرة اكتشاف علامات سوء المعاملة والعنف والإبلاغ عنها للدفاع عن القيم الإنسانية الكونية لضمان كرامة الإنسان. وقد أشارت تقارير وبلاغات في وسائل الإعلام الإلكترونية[34] والمرئية[35] والمكتوبة[36] إلى معاناة عدد كبير من الأسر المغربية المتضررة في أثناء جائحة كورونا وبخاصة النساء. في هذه المرحلة، اتخذ العنف الأسري أبعادًا نفسية وجسدية واقتصادية بحسب بعض المنظمات النسائية ومتخصصات/ون في مجال علم الاجتماع والعلوم القانونية والسياسية وهيئات دولية (أحزاب، جمعيات، نقابات…)[37] في الندوات الرقمية الدولية المنظمة من طرف تنظيمات مختلفة.
رابعًا – العنف الأسري والقيم الإنسانية
تعد الأسرة في المجتمع المغربي خلية أساسية ذات قيمة كبيرة تميزها عن باقي المؤسسات الاجتماعية. وقد عرف عدد من الأسر قدرًا من التحديث، غير أن مكانة المرأة بقيت حبيسة القيم التقليدية التي تفرض عليها الطاعة والخضوع للرجل وتوصيفها بالزوجة أو الأم قبل عدها مواطنة بكامل حقوقها. إن القيم التي تتلقاها المرأة وترسخ في عقلها منذ صغرها تجعل غايتها المثلى في الحياة هي الزواج والخضوع لسلطة الرجل زوجة كانت أم أختًا أم ابنة[38]. علاوة على ذلك، فمن مميزات الوجه التقليدي للأسرة المغربية تزويج القاصرات عن طريق التحايل على القانون وإعطاء الأهمية للزواج الداخلي بين أفراد الأسرة بافتراض أن مكانها ومجالها الطبيعي هو البيت؛ علمًا أن الهوية الشخصية للفرد غالبًا ما تتشكل في سياق الجماعة والفئة الاجتماعية التي ينشأ فيها. ففي مجتمعاتنا، تعد المرأة من ممتلكات الأسرة طوال حياتها وأداة للمجتمع المتسلط حيث يجري إسقاط العيب والعار والعقد وضعف الرجل عليها اجتماعيًا.[39] وتحرم المرأة في المجتمعات المتخلفة من الاعتراف بكيانها وأصالتها عبر سن قوانين عدة مدنية كانت أم دينية تقيد حريتها وحركتها وقدرتها على الاختيار وكبح إمكاناتها الذهنية والإبداعية وربطها بأغراض اجتماعية محضة كالزواج والإنجاب. وبحسب دراسة حجازي لثلاثة نماذج من النساء، فإن المرأة في الوسط الكادح وما دونه كائن قاصر تابع يحتاج إلى وصي. ويقتصر دورها على الانزواء في داخل بيتها ضمن حدود أسرتها ويوكل إليها الرضوخ والاستسلام والاستعباد؛ إذ تصل إلى أقصى درجات القهر عن طريق تنكر الأسرة والمجتمع لها وقتلها معنويًا وعدها جهازًا حركيًا يخدم كافة أفراد الأسرة. وفي المقابل، يجري تضخيم دور الرجل بالمبالغة في إسقاط القدرة والمجابهة والتحمل وكسب الرزق وتدبير أحوال الأسرة. أما في الطبقة المتوسطة، فيحصر عمل المرأة في وظائف ثابتة أخرجتها من “سجنها التقليدي” وتشارك الرجل في الأعباء والمسؤوليات في داخل وخارج الأسرة، كما أن الرجل يعي أن الارتقاء مرتبط بارتقاء مكانة المرأة في المجتمع وبناء شخصيتها. أما فيما يخص فئة الامتياز فيرى أن المرأة لا تعاني قهرًا على المستوى المادي، لكنها تتعرض لاستلاب معنوي بحيث تعد أداة بتحديد دورها في الإنجاب والمصاهرة بزيادة بسط نفوذ الأسرة التي تنتمي إليها واستعراض ثروة أبيها أو زوجها. وعمومًا، تتعرض المرأة بالنسبة إلى نوال السعداوي لنوع من الاستلاب بحيث أن “إفراغ المرأة من مسؤوليتها إفراغ لشخصيتها من لبِّ الإنسان وجوهره وتميزه عن سائر المخلوقات، وبهذا الإفراغ لم يعد للمرأة إلا قشرتها الخارجية الظاهرية أمام الأعين، لم يعد للمرأة إلا غلافها الجسدي الخارجي. ولم يعد أمامها إلا أن تنشغل بهذا الغلاف الجسدي”.[40] غير أن وطأة التقاليد والقيم بدأت تتأرجح في مجتمعات عدة بفضل مطالبة المجتمع المدني بإعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية. “ولا شك أن تغيير هذه القوانين المجحفة بالمرأة ضروري لإقرار مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات، لكن التغيير الاجتماعي المنشود يتطلب تحول هذه القوانين الجديدة إلى ممارسة يومية في حياة الناس الخاصة والعامة وانصهار المفاهيم الجديدة لتصبح نسيج المجتمع الجديد.”[41] لقد أصبحت المجتمعات تعرف تصاعد النزعة الفردية التي تتيح للأفراد الإسهام بدور كبير في تكوين أنفسهم وبناء هوياتهم الخاصة والدفاع عن كرامتهم ومواجهة كل أشكال العنف، بما في ذلك العنف الأسري الذي يهدف إلى السيطرة أو الإضرار بأحد أفراد الأسرة، ويتخذ عددًا من أشكال الإيذاء الجسدي والنفسي وكذلك الإهمال من جانب أفراد الأسرة أو الشريك الحميم. ويمكن أن يكون العنف بأشكاله عملًا منفردًا أو عددًا من الأفعال ترتكب في سياقات مختلفة تشكل جزءًا من دائرة سوء المعاملة ذات العواقب الوخيمة وأحيانًا القاتلة للضحايا؛ فأنواع العنف الأسري المختلفة قد تمس الشريك الحميم وتخص إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم وإساءة معاملة المسنين، وقد تتعلق بالعنف المرتبط بالشرف والزواج القسري وقد تتمثل في الاعتداء الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي. للعنف آثار سلبية على الفرد حيث يساهم في تفكيك نسيج البناء الاجتماعي من أبسط خلية ألا وهي الأسرة إلى أعقد الروابط الاجتماعية. فعلى مستوى الأسرة، لا ينجو أحد من العواقب الوخيمة لآثار العنف، بل تصبح الأسرة بأكملها ضحية له بدرجات متفاوتة ومتباينة. فالعنف يعوق حركة الأسرة وقيامها بوظيفتها في المجتمع؛ إذ تعد فئة الأطفال هي الأكثر هشاشة وتأثرًا، سواءً عن طريق التعرض إليه أم مشاهدته حيث يؤثر تعرض المرأة للضرب والإهانة على اهتمامها بأطفالها ورعايتهم، ويمكن أن يتسبب في كرههم لكونهم يجبرونها على الاستمرار في علاقة لا تتحملها. ومن هنا يتولد لدى أفراد الأسرة نوع من العنف والعنف المضاد، ما قد يؤدي إلى حواجز نفسية وانقسامات داخلية تفضي إلى الحقد والكراهية والخلل في مستوى وسائل التواصل بينهم التي يغلب عليها طابع الاستفزاز والتوتر.أما بعض النساء فيكنّ في حاجة إلى إيجاد زوج والعيش في عائلة مهما كانت الظروف. وتشير الدراسات الاجتماعية والنفسية[42] إلى أن الأطفال الذين عانوا العنف الأسري يكونون أكثر انفعالية وعدوانية عند بلوغهم سن 10 إلى 11 وذوي سلوكيات أقل إيجابية تجاه الأخر وعرضة للتقلبات المزاجية التي تجعلهم يعانون، ما يؤدي في أغلب الأحيان إلى الفشل في حياتهم ويجعلهم عرضة لمشكلات اجتماعية عدة تتسبب في تبعيتهم وجعلهم في أمس الحاجة إلى مساعدة الآخر، وقد يكونون عرضة للعنف بأنواعه وقد يرزح عدد منهم تحت وطأة الفقر المدقع.
خامسًا – علاقة الفقر بالتعنيف
تتعدد المداخل النظرية والمقاربات المنهجية والدراسات الميدانية بقصد معالجة ظاهرة الفقر وإيجاد حلول لها والقضاء عليها من مختلف الزوايا بوصفها مشكلة عميقة الجذور، ومصدرًا للمشاكل التي يعانيها الفرد والمجتمعات المصنفة إلى بلدان غنية وفقيرة؛ انطلاقًا من تحديد مؤشرات للقياس والحكم على مدى تقدمها. تأخذ دراسة الفقر أبعادًا عدة من بينها البعد الجنساني، والديني، والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، والمجالي، والبيئي، والصحي، والقدر المحتوم، والثقافة الواعية. ويعرف الفقر المطلق والنسبي بحسب مقاربات عدة، من بينها المقاربة النقدية، والنسبية، ومتعددة الأبعاد، والاستبعاد الاجتماعي، وبحسب القدرة، والفرصة السانحة، والحاجات الأساسية. إن الفقر مصدر قلق للمجتمع الدولي الذي يجب أن يبذل الجهد اللازم للخروج من هذه الظاهرة اللاإنسانية. ولهذا الغرض فقد عُقدت اجتماعات في الأمم المتحدة أسفرت عن إعلان الألفية في أيلول/ سبتمبر 2000. وتعهدت الدول الموقعة بمكافحة الفقر والجوع والمرض والأمية وتدهور البيئة والتمييز ضد المرأة.[43] ومن الناحية الإحصائية[44]، فقد استخدمت المنظمات الدولية في الماضي أربع أدوات رئيسة لتقييم الفقر وهي الناتج الداخلي الخام للفرد، ومؤشر التنمية البشرية، ومؤشر الفقر البشري[45] وعتبة الفقر التي اعتمدها تشارلز بوث[46] وسيلة لتقييم الفقراء. وباعتماد بعض هذه الأدوات، أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن الفقر والصراع ذا الصبغة المادية يشكلان “في تصور 55% من النساء و 74% من الرجال أهم الأسباب التي تكمن وراء العنف الزوجي. ويشكل انعدام التواصل بين الزوجين سببًا لذلك بالنسبة إلى 13% من الرجال و 6% من النساء.”[47] كما أعلنت أن معدل العنف بلغ في الفضاء الزوجي نسبة 46% (5,3 مليون امرأة). وتبقى الفئات الأكثر عرضة للعنف الزوجي هن النساء المتزوجات (52%) والشابات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و24 سنة (59%) والنساء ذوات المستوى التعليمي المتوسط (54%) والعاطلات عن العمل (56%). ومع أخذ خصائص الشريك في الحسبان، نلاحظ ارتفاع معدل انتشار العنف خصوصًا بين النساء اللواتي يعشن مع شريك عانى العنف المنزلي في ماضيه بمعدل 73% أو يعشن مع شباب في العقد الثالث من العمر بمعدل 61% أو مع من حصلوا على تعليم متوسط بمعدل .57%[48] وقد نص التقرير على وجود “سبع حالات من أفعال العنف الزوجي من أصل عشرة (69%) للعنف النفسي و12% للعنف الاقتصادي و11% للعنف الجسدي ونحو 8% للعنف الجنسي.[49] وبحسب 38% من النساء و40% من الرجال فالعنف الزوجي أمر مقبول للحفاظ على استقرار الأسرة. وتؤكد ذلك 53% من النساء من دون مستوى تعليمي و9% من النساء ذوات المستوى التعليمي العالي. كما يبلغ هذا التصور 50% لدى الرجال المطلقين و50% لدى من هم من دون مستوى تعليمي والرجال القرويين 48%. ويستخلص من هذه الأرقام ارتباط الظاهرة بتدني المستوى التعليمي لدى فئة الرجال وبالتمسك بالعادات والتقاليد المتمثلة في إخضاع المرأة للرغبات الشخصية وقيادة الأسرة بالقوة والعنف والسيطرة على الشريكات بحيث يذهب البعض إلى قياس الرجولة بمدى السيطرة على الزوجات والبنات ومن ثمّ كلما زادت نسبة الوعي الثقافي في المجتمع انحسرت الدوافع المؤدية إلى العنف ضد المرأة. أما عن استمرار العلاقة الزوجية على الرغم من التعنيف الذي تخضع له النساء، فيعود سببه الرئيس إلى وجود الأطفال بالنسبة إلى 77% من النساء و72% من الرجال، أو إلى انعدام الموارد المالية لدى المرأة بحسب 11,5% من النساء و4% من الرجال. أما الذين يرون أن المعايير الدينية تشكل سببًا رئيسًا لتحمل المرأة للعنف فنسبتهن/م لا تتجاوز 1,3% من النساء و2,4% من الرجال.[50] كما ترى 48% من النساء، بحسب التقرير نفسه، أن العنف الزوجي يظل شأنًا خاصًا بالأسرة لا يجب إفشاؤه أو البوح به للآخرين؛ وهو الرأي الذي يزكيه الرجال بصورة أكبر بنسبة 70%.[51] أما بخصوص مسألة تقبل العنف لدى بعض فئات المجتمع، فبالنسبة إلى 27% من النساء و31% من الرجال يحق للزوج أو الشريك الحميم معاقبة زوجته أو شريكته عند ارتكابها خطأ ما. كما يحق له، بحسب 21% من النساء و25% من الرجال، ضرب أو تعنيف زوجته في حال خروجها من البيت من دون إذنه. وتتساوى هذه النسب بين النساء والرجال القرويين (36%) وبين النساء والرجال من دون أي مستوى تعليمي (35%)، فيما تبلغ 32% بين النساء البالغة أعمارهن 60 سنة فما فوق و31% بين الرجال من الفئة العمرية نفسها. وتصل هذه النسبة لدى النساء القرويات إلى (31%) والرجال القرويين إلى (30%) والنساء من دون مستوى تعليمي (31%).[52] يتبين أن معاناة نصف المجتمع ناتجة من أسباب التخلف المتراكمة ومن العوامل التي تجعل المرأة تواجه الوصم والتمييز وتحتل صدارة ضحايا العنف، ومعرضة أكثر للتفقير والتهميش خلال مرحلة الحجر المنزلي. وقد صرحت فدرالية رابطة حقوق النساء، في غياب إحصاءات رسمية، أن عدد الشكايات المتعلقة بمختلف أنواع العنف تضاعفت في هذه المدة بحيث تلقت، ما بين 15 آذار/ مارس و15 أيار/ مايو 2020، 515 اتصالًا من 355 امرأة. كما سجلت، بحسب التصريحات، 1007 أفعال عنف مورست على النساء. وصنفت الرابطة هذه الأفعال كالآتي: العنف النفسي (49%)، الاقتصادي (27,3%) والجسدي (16,5%).[53] أما على الصعيد الدولي فقد جاء في تصريح فومزيل ملامبو نغكوكا، أن 243 مليون امرأة وفتاة (تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 سنة) في العالم كن ضحايا للعنف الجسدي أو الجنسي من طرف الشريك. ومع استمرار الجائحة من المحتمل أن يتزايد هذا العدد مع تداعيات عدة تنعكس على رفاه النساء وصحتهن الجنسية والإنجابية والعقلية، وكذلك على قدرتهن على المشاركة في إعادة تنشيط مجتمعاتنا واقتصادنا وقيادته.[54] وضمن 12 مجالًا اهتم بها مؤتمر بيجين، نجد مجالي العنف ضد المرأة والمرأة والفقر. وينص الإعلان في الفقرة السادسة على أن حالة المرأة “تزداد سوءًا بسبب الفقر الذي يؤثر على أغلب سكان العالم، ولا سيما النساء والأطفال، والناشئ عن أسباب وطنية ودولية.”[55] وقد شكل منهاج عمل بيجين تتويجًا لعملية دعوية قوية للاعتراف بحقوق المرأة بوصفها حقوقًا إنسانية، كما أنه أعاد التأكيد على المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الصكوك المبكرة لحقوق الإنسان، وأنها جزء لا يتجزأ من الحقوق الكاملة. إن مكافحة الفقر عملية متكاملة لا بد أن تنسجم مع المخططات الوطنية والدولية للوصول إلى سياسات اجتماعية تضمن حياة كريمة وتكافلًا اجتماعيًا واستقرارًا اقتصاديًا، إضافة إلى تحقيق التنمية المنشودة والمساواة بين الجنسين والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في كل المجالات. وفي هذا الصدد فقد حددت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ضمن أهدافها مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة والدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة. وفي إطار التدابير الوقائية للتصدي لجائحة كوفيد- 19 فقد خصصت غلافًا ماليًا لدعم مصاريف تسيير مراكز استقبال الأشخاص في وضع صعبة، وخصوصًا أطفال الشوارع والمتخلى عنهم، والأشخاص المسنين والمتسولين والمتشردين ومنشآت استقبال النساء الحوامل اللاتي اقتربن من الوضع[56]. على الرغم من هذه الإجراءات التي لا ترقى إلى جعل النساء المغربيات قادرات على مواجهة أعباء الحياة اليومية وضمان ظروف العيش الكريم؛ مازال المغرب يحتل المرتبة الأخيرة في شمال أفريقيا والمرتبة 137 من أصل 149 دولة على الصعيد العالمي في مجال مساواة النوع الاجتماعي بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي.[57] كما رأى التقرير الموازي لفدرالية رابطة حقوق النساء[58] وشبكة نساء متضامنات[59] بشأن “الوضع الحقوقي للنساء المغربيات، 25 سنة بعد مرور مؤتمر بيجين” أن هذه البرامج أثبتت محدوديتها؛ إذ ظلت النساء المغربيات حبيسات العمل الإنجابي غير المؤدى عنه والعمل غير المهيكل وغير اللائق الذي لا يضمن في أغلب الأحيان التغطية الصحية والاجتماعية، وكذلك لا يضمن الكرامة الإنسانية للنساء؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، وضع النساء العاملات الفلاحات في الحقول (الفراولة والبرتقال..)، والنساء في معبر سبتة.[60] كما نص التقرير نفسه على “أن مجمل المؤشرات في المجال تعد قاتمة وتدل على تردي الوضع؛ وآخرها تلك التي وصلت إليها مؤسسات عمومية رسمية؛ منها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتقرير وزارة المالية […] بشأن الفوارق الاقتصادية والاجتماعية وفي مجال البطالة والأجور والهشاشة واللامساواة الاجتماعية التي تعيشها فئات عريضة في المجتمع على رأسها النساء”.[61] ونذكر في هذا الإطار وضع النساء المزارعات المهاجرات؛ حيث أنه على الرغم من انتشار فيروس كورونا المستجد والإجراءات الاحترازية، جلبت إيطاليا وإسبانيا عاملات موسميات اتصلت بهن شركات زراعية إسبانية لجني الفراولة، على الرغم من الأخطار الناتجة من ذلك. كما أثرت الإجراءات الصارمة منذ 20 آذار/ مارس، وفرض الحظر ليلًا والتدابير التي سبقت انتشار الوباء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعاملات الموسميات في إسبانيا وفي منطقتي الغرب وفاس- مكناس. وقد كشفت أرقام الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (ANAPEC) لجوء أكثر من 19000 امرأة، سنة 2019، إلى هذا العمل من أجل تغيير مصيرهن وأوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في حرمانهن من أبسط الحقوق الاجتماعية كالحماية الاجتماعية والتقاعد والتأمين الصحي والدعم في حالة الحوادث. كما سجل التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2018، المنحى التنازلي المثير للقلق لمعدل النشاط لدى النساء، مؤكدًا أن الفجوة بين النساء والرجال، على مستوى المشاركة في سوق الشغل، ما تزال عميقة بحيث لا تتعدى نسبة النساء النشيطات .22% ويعزى ذلك عمومًا إلى عوامل اجتماعية واقتصادية واعتبارات اجتماعية وثقافية.”[62] بعد محاولتنا تفسير ظاهرة العنف الأسري في أثناء الحجر المنزلي وارتباطها بعامل الفقر وتناولنا بعض الأسس النظرية، سنعرض نتائج ما توصلنا إليه ونؤولها عبر منهج التحليل الذي اعتمدناها عن طريق استبانة إلكترونية.
سادسًا – تأويل النتائج
سنحدد بداية مجتمع البحث ومميزات عينة النساء اللواتي تواصلن مع بعض مراكز الاستماع إلى النساء التابعة لثلاث جمعيات في جهة الرباط، وما استخلص بالنسبة إلى العنف الممارس على الفتيات والمتزوجات في إطار العنف الأسري والأسباب والمشاكل التي تعانيها هذه الفئة.
1. مجتمع البحث ومميزات العينة:
يتألف مجتمع البحث من النساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف في الأشهر الثلاثة الأولى من الحجر المنزلي واتصلن أو جرى الاتصال بهن من طرف مركز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف المبني على النوع، التابع لجمعية المحامين الشباب في مدينة الخميسات وجمعيتي فدرالية رابطة حقوق النساء (فرع الرباط) واتحاد العمل النسائي (فرع الرباط). أما عناصر عينة البحث فعددهن 121 وتنتمين إلى ست مجموعات بحسب السن. ويبين الجدول رقم 1 أن نسبتي العناصر الذي تتراوح أعمارهم بين 15 و20 و 20 و30 سنة متماثلتين (14,88%)، في حين أن ما يناهز نصف أفراد العينة تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 سنة (47,11%). أما بالنسبة إلى الحالة الزوجية فيبين الشكل رقم 1 أن أكبر نسبة تمثلها النساء المتزوجات (44,63%) ويليهن الفتيات (24,79%). وهناك نساء في أوضاع أخرى كالأرامل والمنفصلات والمطلقات اللواتي يمثلن أقل نسبة.


وتقطن نساء العينة ضمن أسر يتراوح عدد أفرادها بين فردين وأكثر من سبعة أفراد (الشكل رقم 2). وتخص أكبر نسبة النساء المنتميات إلى أسر من 5 أفراد (38,05%) ويليهن اللواتي ينتمين إلى عائلات عدد أفرادها أربعة (22,12%).والنسبة الأقل تمثيلًا هي المتعلقة بالعائلات المكونة من فردين (7,96%).


بالنسبة إلى طبيعة السكن (الشكل رقم 3)، فهناك سبعة أنواع وأكبر نسبة تخص النساء القاطنات في شقق اقتصادية صغيرة المساحة (43,80%) ويليهن النساء اللواتي يعشن في منازل عصرية (35,54%). كما يظهر عبر الرسم البياني أن نساء العينة الأقل تمثيلًا هن سكان الأماكن الفارهة (1,65%). وفيما يخص الوضع الاقتصادي فيرتبط بالنشاط الذي تمارسه كل واحدة على حدة. فمن بينهن اللواتي يعملن في وظيفة محددة في القطاع الخاص أو العام، علاوة على ربات البيوت أو اللواتي ما زلن في طور الدراسة في أحد أسلاك التعليم المدرسي أو الجامعي. فالشكل رقم 4 يبين أن ربات البيوت يمثلن أعلى نسبة (15,7%)، وتأتي في المرتبة الثانية بالتساوي كل من العاملات في القطاع غير المهيكل والمستخدمات في القطاع الخاص والموظفات في القطاع الصحي واللواتي يزاولن أعمالًا حرة (10,7%). أما أقل النسب فتخص على التوالي النساء الإطارات في قطاع الصحة (1,7%) والطالبات (5,8%).

ويبين الرسم البياني (الشكل رقم 5) أن النسب الثلاث الأولى بخصوص الدخل الشهري هي على التوالي الفئة التي تحصل على دخل شهري يتراوح بين 2000 و4000 درهم (28,9%) وما بين 4000 و6000 درهم (23,1%) ومن 6000 إلى 8000 درهم (20,7%). في حين أن الفئة التي يتراوح دخلها الشهري بين 8000 و10000 درهم تأتي في آخر مرتبة بنسبة (4,1%). وبحسب المعطيات الواردة في الشكل رقم 6، فإن نسبة نساء العينة المسؤولات عن إعالة عائلاتهن تأتي في المرتبة الثانية (33,1%) بعد العائلات؛ إذ يكون الزوج المعيل الرئيس (37,2%). كما أن نسبة لا يستهان بها يعيلها الأب (18,2%) وهناك عائلات معيلها شخص آخر قد يكون من العائلة أو لا ينتمي إليها (7,4%).


2. ظاهرة العنف:
أ. بالنسبة إلى الفتيات:
يبين الشكل رقم 7 أن مصادر العنف المسلط على الفتيات متنوعة بحيث تمثل اللواتي تعرضن لعنف الأب 31,6% ونفس النسبة لتعنيف الأخ أو أحد الأقرباء الذكور (34,2%). ومن بين أسبابه المتعددة (الشكل رقم 8)، يشكل إرغام الفتاة على القيام بالأعمال المنزلية، بما فيها المساعدة في أشغال المطبخ أعلى نسبة (30,95%). وتحتل المشاكل المرتبطة بالدراسة المرتبة الثانية (23,81%). وهناك أسباب أخرى من بينها تبذير الماء أو الكهرباء عبر الجلوس أمام التلفاز أو استعمال الحاسوب (16,67%) واستعمال الهاتف المحمول (11,9%) والخروج من المنزل من دون استئذان (7,14%) وأسباب أخرى لا تقل أهمية (9,52%).


يتبين أن العنف اللفظي هو العنف الأكثر شيوعًا الذي تتعرض له فئة الفتيات في داخل أسرهن (الشكل رقم 9)، حيث أن 58,14% عبرن عن تعرضهن للإهانة أو الاستهزاء أو الصراخ أو السب أوالتخويف. ورغم عدم تركه آثارًا ظاهرة، فإن له آثارًا نفسية وعقلية خصوصًا على الأطفال؛ إذ يؤثر على صحتهم النفسية والعقلية ويتسبب لهم في الاكتئاب والانعزالية والعدوانية. كما أن 34,88% تعرضن لعنف لفظي وجسدي. أما النسبة المتبقية 6,98% فقد تعرضن للعنف الجسدي المتمثل في الركل والرفس والمنع من الأكل والشرب وغير ذلك.

ب. بالنسبة إلى المتزوجات:
يتبين في الشكل رقم 10 أن من يعنف الزوجة هو غالبًا (الزوج) في الدرجة الأولى (51,47%). علمًا أن 16,18% من هذه المشاركات في العينة لم يصرحن بهوية الطرف المعنِّف.أما باقي السيدات اللواتي عبرن عن تعرضهن للعنف من طرف (الزوج وأحد أقربائه) أو من طرف (أحد أقربائه أو أكثر)، فيمثلن نسبة 32,35%. وبالنسبة إلى سبب الخلاف مع الزوج (الشكل رقم 11)، تأتي في المرتبة الأولى بنسبة 34,11% مسألة تدبير مصروف المعيشة اليومية من أكل وشرب واستهلاك للماء والكهرباء وغير ذلك. في حين أن 13,95% من النساء يتعرضن لعنف بسبب يرينه تافهًا. وبحسب بعض النساء فقد مثّل الحجر المنزلي فرصة لتسلط بعض الأزواج وفرض سيطرتهم، فقد تتعرض النساء للتعنيف (10,08%) في حالة عدم أخذهن إذن الزوج في كل صغيرة وكبيرة. وتمثل نفس النسبة (10,08%) النساء اللواتي منعن من الزيارة والاطمئنان على أفراد أسرهن المتواجدين في المدينة نفسها. ولم يقتصر الأمر على العنف، بل من بينهن من طردن من بيت الزوجية (3,10%). أما بخصوص 28,68% المتبقية فتمثلت الأسباب في الأعمال المنزلية وحث الزوجة على العمل والمساعدة في مصروفات البيت والتصرف في حسابها البنكي من دون علمها وافتراض الحجر فرصة للمنع من العمل والمنع من التواصل والاطمئنان على الوالدين واتهامها بالتقصير في واجباتها تجاه الأبناء وتجاهلها.


فيما يتعلق بنوعية العنف، يظهر في الشكل (12) أن 24,59% من المشاركات في العينة تعرضن للصفع و21,31% من بينهن تعرضن للضرب. وتأتي في المرتبة الثالثة الإهانة والتهديد (18,03%) وتليها الإهانة (11,48%). أما الربع المتبقي من النساء فتعرضن لأنواع تمثلت في الدفع بشدة ونتف الشعر والركل والسحل والخنق.


يمثل الشكل رقم 13 نوع الأذى، ويتبين أن 29,63% من النساء تعرضن لكدمات و27,16% كن ضحايا عنف لم يترك أثرًا ظاهريًا. كما أن 23,46% عبرن عن إصابتهن بجرح. وباستثناء اللواتي صرحن بعدم تعنيفهن (1,23%) فإن المتبقيات تعرضن لخدش (16,05%) أو لإصابة على مستوى الوجه (2,47%). أما بالنسبة إلى تأثيره على الصحة الجسدية والنفسية (الشكل رقم 14) فهو كبير (50,59%) أو محدود (37,65%) أو من دون تأثير (11,76%).
3. تأثير العنف والتبليغ عنه:


وفي إثر التعرض للعنف، فقد عبرت 61,3% (الشكل رقم 15) أنهن لم تبلغن عنه بسبب الإغلاق؛ حيث تمكنت نسبة كبيرة من النساء أو الفتيات من التبليغ عن العنف إما عبر زيارة مقرات بعض الجمعيات والمنظمات أو من خلال المشاركة في نشاطها؛ الشيء الذي لم يكن في متناول مجموعة من المعنفات نظرًا إلى عدم إتقانهن تقنيات التواصل عبر الهواتف الذكية والحواسيب، وأيضًا بسبب تواجدهن مع معنفيهن في البيت نفسه. كما أن نسبة كبيرة من النساء والفتيات يخشين التبليغ إذ يرينه سلوكًا طبيعيًا يتقبلنه نظرًا إلى عدم استكمالهن دراستهن وعدم اكتسابهن خبرة علمية أو مهنية. كما عبرت 11,8% من النساء والفتيات عن تبليغهن أحد أفراد الأسرة وغالبًا ما تكون الأم من أجل التستر على الأمر. ولم تعلن إلا 10,8% عن تبليغهن مصالح النيابة العامة. وتمثلت على التوالي نسب اللواتي بلغن عن طريق جمعيات المجتمع المدني ومراكز إيواء النساء المعنفات والإنترنت في 7,5% و3,2% و3,2%. أما المتبقيات فقد عبرن عن أنهن قادرات على الدفاع على أنفسهن في جميع الأحوال (1,1%) أو صرحن بعدم تعرضهن للعنف 1,1%.
الخاتمة:
بعد انطلاق الجائحة خيمت أجواء اجتماعية قاتمة وحزينة في مختلف بقاع العالم وانعكست على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية وتضررت منها معظم العائلات، وبخاصة تلك التي تعاني الفقر والهشاشة. وما ساهم في جعل الظروف جد صعبة هي السياسات المعتمدة من طرف الدول لمواجهة الجائحة بما فيها إغلاق الحدود والمدن والحجر المنزلي شهورًا عدة في مساحات ضيقة ومحدودة تحولت إلى فضاءات للرياضة والدراسة والسينما. وقد بينت هذه الدراسة أن ظاهرة التعنيف في الأسر اختلفت حدتها بحسب عوامل عدة؛ من بينها الحالة العائلية للضحية، ونوع نشاطها، وطبيعة السكن، وعدد أفراد الأسرة، ودخلها الشهري والمعيل(ة) الرئيس(ة). عادة ما تكون شرارة انطلاق هذا النوع من العنف بسبب خلافات أفقية أو عمودية. وتقطن نساء العينة الأكثر تعرضًا للعنف في شقق اقتصادية صغيرة المساحة أو ضمن أسر تتألف من 5 أفراد. أما فيما يتعلق بنوعية النشاط، فإن أعلى نسبة تخص ربات البيوت واللواتي ينتمين إلى فئة عائلات دخلها الشهري هزيل. أما العنف فينفذه أساسًا الأب أو الأخ أو أحد الأقرباء الذكور بالنسبة إلى الفتيات والزوج أو أحد أقربائه بخصوص المتزوجات. ومن أسبابه المتعددة محاسبة الفتاة على ما تفعله وحرمانها من حرية الحركة وغيرها. وتتعرض النساء والفتيات للعنف اللفظي الذي يؤثر على صحتهن النفسية والعقلية أو للعنف اللفظي والجسدي وتبعاته. وقد شكل الحجر المنزلي فرصة لتسلط بعض الأزواج وفرض سيطرتهم ومحاسبة الزوجة بالأساس على مسألة تدبير مصروف المعيشة اليومية أو على مسائل تعدها تافهة. وتتمثل نوعية العنف في الصفع والضرب والإهانة والتهديد والدفع بشدة ونتف الشعر والركل والسحل والخنق. وهكذا تبدو على الضحايا أعراض كالكدمات أو الخدش على مستوى الوجه، ومن بينهن من يصرحن بما تعرضن له، ويعاني عدد منهن تأثيرات على مستوى الصحة الجسدية والنفسية. وقد صرحت نسبة كبيرة منهن أنهن لم يبلغن عن تعنيفهن، بسبب الإغلاق وعدم إتقانهن تقنيات التواصل عبر الهواتف الذكية والحواسيب ونظرًا إلى وجودهن مع معنفيهن في البيت نفسه. ولم تعلن إلا نسبة ضعيفة عن تبليغهن مصالح النيابة العامة أو جمعيات المجتمع المدني. كما أن فئة النساء اللواتي صرحن بعدم تعرضهن للعنف شبه منعدمة. فعلى الرغم من وجود القانون رقم 13.103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والفصل 19 من الدستور الذي ينص على بعض التدابير الوقائية وتحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وعلى إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وتجريم بعض أشكال العنف الأسري، يجد ضحايا العنف أمامهم شروطًا تعجيزية لأن عددًا من النساء غير قادرات على رفع دعاوى قضائية للحصول على الحماية. هذا علاوة على عدم تحديد الواجبات التي يجب على السلطات والنيابة العامة وقضاة التحقيق القيام بها في حالات العنف الأسري، وعدم توفير مراكز لاستقبال النساء المعنفات. وفي هذا الصدد، وبعد سن هذه القوانين، راسلت (هيومن رايتس ووتش) الحكومة المغربية لتبلغها أن الشرطة والنيابة العامة والقضاة والسلطات المغربية الأخرى،[63] لا تمنع سوء المعاملة الأسرية أو تعاقب الجناة أو تقدم المساعدة للضحايا إلا في حالات نادرة. ومن هنا نؤكد ضرورة نشر الوعي بين أفراد المجتمع، ونبذ كل التقاليد والعادات والموروثات الاجتماعية، وأهمية التوافق والتفاهم بين الوالدين، واستخدام أساليب التنشئة الاجتماعية السليمة ومضامينها المناسبة، والتوعية وحث صناع القرار على سن قوانين واتخاذ إجراءات قانونية ملزمة، وإحداث هيئات توفر الحماية على المستوى الوطني، ومحو الأمية ومحاربة ظاهرة التعنيف التي تخل بتوازن الأسرة، وتعزيز مكانة المرأة والارتقاء بها في المجتمع، وتنمية الوعي وبناء علاقة مبنية على الاحترام وترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين والإعمال على تنزيله على المستوى التنظيمي والمؤسساتي، وخلق فرص عمل من أجل ضمان استقلال المرأة المادي وإنقاذها من البطالة والفقر الذي تتخبط فيه نسبة عريضة من النساء، في ظل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية؛ وذلك بخلق فرص عمل كافية ومشاريع مدرة للدخل وباللجوء إلى الترافع من أجل تحسين الوضع الاقتصادي للمرأة المغربية التي ما زالت لا تتمتع بالقدرة على مواجهة أعباء الحياة وتحقيق حاجياتها وضمان العيش اللائق والكريم.
المراجع References
العربية
الكتب:
احجيج، حسن، نظرية العالم الاجتماعي قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو، الطبعة الأولى، الرباط: مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، 2018.
الجابري، محمد عابد، نظرية ابن خلدون في الدولة العربية، قراءة في الخطاب السياسي الخلدوني، ع37، 38، بيروت: مجلة الفكر العربي المعاصر، 1980.
السعداوي، نوال، المرأة والجنس، ط. 4، الفجالة والاسكندرية: دار ومطابع المستقبل، 1990.
الشيباني، بدر إبراهيم، سيكولوجية النمو، ط1، الكويت: المخطوطات والتراث والوثائق، 2000.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التقرير السنوي 2018“، الرباط، شوهد في 08/06/2019 في: https://bit.ly/34SptTC
المالكي، عبد الرحمان، الثقافة والمجال: دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب فاس: جامعة سيدي محمد بن عبد الله، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية، 2015.
العيسوي، عبد الرحمن، سيكولوجيّة العنف والعدوان، دمشق: دار الأنوار، 2000.
ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، تحقيق علي عبد الواحد وافي، ج2، ط3، القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر، بدون تحديد سنة الطبع.
حجازي، مصطفى، التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور. الطبعة التاسعة، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 2005.
حسنين، توفيق ابراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1990، شوهد في 15/05/2020 في: https://bit.ly/3jSdxHD.
طه، فرج عبد القادر، موسوعة علم النفس والتحليل النفسي: [مزودة بسير حياة و إسهامات عشرات من كبار العلماء العرب و الأجانب القدامى والمعاصرين]، الكويت: دار سعاد الصباح، 1993.
عبادة، مديحة أحمد، وأبو دوح، خالد كاظم، العنف ضد المرأة – دراسات ميدانية حول العنف الجسدي والعنف الجنسي، الطبعة الأولى، القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، 2008.
عبد الوهاب، ليلى، العنف الأسريّ: الجريمة والعنف ضدّ المرأة، دمشق: دار المدى، 2002.
الأجنبية:
Bourdieu, Pierre, La domination masculine, Paris: éditions le Seuil, collection Liber, 1998.
Booth, Charles, The Inhabitants of Tower Hamlets (School Board Division), Their Condition and Occupations, Great-Britain: Wiley-Blackwell, Journal of the Royal Statistical Society, vol. 50, n° 2, 1887.
Cornaton, Michel et al. Violences et société, éditions économie et humanisme, Paris: les éditions ouvrières, 1969.
المنشورات الإلكترونية:
العربية
Boulares، Hana، جمعيتي JAMAITY، ندوة افتراضية لمتابعة قضية العنف المسلط ضد المرأة خلال مرحلة الحجر الصحي الإجباري يوم الأربعاء 13 أيار/ مايو تحت عنوان « الصعوبات التي تتعرض لها النساء ضحايا العنف منذ بداية الحجر الصحي»، 15 أيار/ مايو 2020، شوهد في 24 أيار/ مايو في https://bit.ly/3iRZPmF
Le360Live،«كوفيد 19 منصة كلنا معك تشرح لماذا تكاثر العنف ضد النساء»، Le360Live، 09 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 08 أيار/ مايو 2020 في https://bit.ly/2IhbGyh
Médi1 TV، رئاسة النيابة العامة: »تعليمات جديدة لمكافحة العنف ضد المرأة خلال الحجر الصحي»، 30 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 05 أيار/ مايو 2020 في https://bit.ly/318ivbX
المندوبية السامية لتخطيط، »بلاغ المندوبية السامية بمناسبة الحملة الوطنية والدولية للتعبئة من أجل القضاء على العنف ضد النساء»، شوهد في 22 آب/ أغسطس 2020 في:. https://bit.ly/36Y2Ak9
“بحث حول تأثير جائحة كورونا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي و النفسي للأسر”. شوهد في 12 تموز/ يوليو 2020 في: https://bit.ly/3nJWfyJ
“بلاغ بمناسبة الحملة الوطنية والدولية للتعبئة من أجل القضاء على العنف ضد النساء”، شوهد في 17/06/20 في: https://bit.ly/36Y2Ak9
الهراس، المختار، »تحولات القيم في الأسرة المغربية»، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، 02/03/2015، شوهد في 18/03/20 في: https://bit.ly/3lVNu2Y
رئاسة النيابة العامة – المغرب، المنصة الإلكترونية لتلقي شكايات العنف ضد النساء، شوهد في فاتح نيسان/ أبريل 2020 في http://www.pmp.ma:85/
صفحة الاستجابة إلى كوفيد-19 – الأمم المتحدة، »الأمم المتحدة تدعم ضحايا العنف المنزلي “المحاصرين” في أثناء جائحة كورونا»، 12 حزيران/ يونيو 2020، شوهد في 26 حزيران/ يونيو 2020 في http://bit.ly/3iJANq5
فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة نساء متضامنات، »تقرير حول الوضعية الحقوقية للنساءالمغربيات 25 سنة بعد مؤتمر بيجين التقرير..، تشرين الأول/ أكتوبر2019»، شوهد في 20 تموز/ يوليو 2020، في: https://bit.ly/2FriOqM
قناة الحدث،» المغرب يعلن التعبئة لمحاربة العنف ضد النساء في الحجر الصحي المنزلي»، 18 أيار/ مايو 2020، شوهد في 27 أيار/ ماي 2020، في: https://bit.ly/2SXcxGc
قناة الغد Alghad TV، “مع تفاقم العنف الأسري خلال الحجر..”كلنا معك” منصة للتضامن مع المعنفات بالمغرب”، 17 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 26 نيسان/ أبريل 2020 في https://bit.ly/36UjuAa
مدياني، أحمد، “بالأرقام.. فيدرالية رابطة حقوق النساء تكشف حصيلة رصد العنف ضد المرأة في زمن الحجر الصحي”، TELQUEL عربي، 27 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 08/05/2020 في: http://bit.ly/2Fi5O6N
منظمة الصحة العالمية، »العنف الممارس ضد المرأة«، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، شوهد في 06 نيسان/ أبريل 2020، في: https://bit.ly/2GJdLml
نجدي، عادل، »ألف جريمة عنف ضد المغربيات في الحجر والأزواج يتصدرون«، العربي الجديد، 05 حزيران/ يونيو 2020، شوهد في 13 حزيران/ يونيو 2020 في: https://bit.ly/3dk1PTP
وكالة المغرب العربي للأنباء، »المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.. مشروع ملكي في خدمة الرأسمال البشري «، الرباط، 29 تموز/ يوليو 2020، شوهد في 31 تموز/ يوليو 2020، في: https://bit.ly/3iZFaNM
الدوريات:
العربية
التير، مصطفى عمر، «العدوان والعنف والتطرف»، المجلة العربية للدراسات الأمنية، المجلد 8، العدد 16، (حزيران/ يونيو- تموز/ يوليو 1993)، شوهد في 15 تموز/ يوليو 2020 في: https://bit.ly/2IJlEZt
العكرة، أدونيس وآخرون، «عنف»، بيروت: الموسوعة الفلسفية العربية، المجلد الأول، ط. 1، (1986) شوهد في 25 حزيران/ يونيو 2020 في https://bit.ly/33JDSCa
رضا، محمد جواد، «ظاهرة العنف في المجتمعات المعاصرة»، عالم الفكر، العدد رقم 3، (فاتح تشرين الأول/ أكتوبر 1974)، شوهد في فاتح نيسان/ أبريل 2020 في: https://bit.ly/34bGOrz
الأجنبية
Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), Guidelines to Estimate the Economic Cost of Domestic Violence in the Arab Region, United Nations, (Beirut, 2019), p. v, accessed on 22/08/2020, at https://bit.ly/3dqi7KR
Human Rights Watch, « lettre adressée à la Ministre de la Solidarité, de la femme, de la famille et du développement social et au Ministre de la Justice et des Libertés », le 16 février 2016, New York, p. 8, consulté le 28 septembre 2020, dans https://bit.ly/353Kjzr
Mlambo-Ngcuka, Phumzile, « la violence à l’égard des femmes, cette pandémie fantôme », 6 avril 2020, consulté le 07/08/2020 dans: https://bit.ly/30ZLsa4
PNUD, « Rapport mondial sur le développement humain 1998 », Economica, (Paris, 1998), pp. 28-32, consulté le 14/08/2020 au https://bit.ly/3jK6O1r
The World Economic Forum, «The global gender gap report» (Cologny/Genève, 2018), p. 11, consulté le 15/07/2020 dans: https://bit.ly/2H65E2Q
UNICEF, « La situation des enfants dans le monde 2007 –Femmes et enfants, le double dividende de l’égalité des sexes », p. 24, 2006, consulté le 22 juin 2020 dans: https://uni.cf/3k54naI
Nations unies, «Objectifs du millénaire pour le développement: Rapport 2015», (New York, 2015), p. 4, consulté le 29 avril 2020 au https://bit.ly/2HKmFjQ
University of Missouri-Columbia. “Spanking can be detrimental for children’s behavior, even 10 years later.” ScienceDaily, ScienceDaily, 31 July 2017, accessed on 16/07/2020, at https://bit.ly/3jDdXkb
[1] عادل نجدي ” ألف جريمة عنف ضدّ المغربيات في الحجر… والأزواج يتصدّرون ” العربي الجديد، 05 حزيران/ يونيو 2020. الرباط، شوهد في 13/06/2020 في: https://bit.ly/3dk1PTP
[2] أحمد مدياني “بالأرقام.. فيدرالية رابطة حقوق النساء تكشف حصيلة رصد العنف ضد المرأة في زمن الحجر الصحي”، TELQUEL عربي، 27 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 08/05/2020 في: http://bit.ly/2Fi5O6N
[3] قناة الغدAlghad TV، »مع تفاقم العنف الأسري خلال الحجر.. “كلنا معك” منصة للتضامن مع المعنفات بالمغرب »، 17 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 26 نيسان/ أبريل 2020 في https://bit.ly/36UjuAa
[4] Le360Live،”كوفيد 19 منصة كلنا معك تشرح لماذا تكاثر العنف ضد النساء”، Le360Live، 09 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 08 أيار/ مايو 2020 في https://bit.ly/2IhbGyh
[5] صفحة الاستجابة إلى كوفيد-19- الأمم المتحدة ، »الأمم المتحدة تدعم ضحايا العنف المنزلي “المحاصرين” أثناء جائحة كورونا»، 12 حزيران/ يونيو 2020، شوهد في 26 حزيران/ يونيو 2020 في http://bit.ly/3iJANq5
[6] « Je demande à tous les gouvernements de faire de la sécurité des femmes une priorité de leur plan d’action face à la pandémie. » − António Guterres, Secrétaire général des Nations Unies
[7] عبد الرحمان المالكي، الثقافة والمجال: دراسة في سوسيولوجيا التحضر والهجرة في المغرب (فاس: جامعة سيدي محمد بن عبد الله، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية، 2015) ص 130-155.
[8] مديحة أحمد عبادة وخالد كاظم أبو دوح، العنف ضد المرأة – دراسات ميدانية حول العنف الجسدي والعنف الجنسي، الطبعة الأولى، (القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، 2008)، ص.2
[9] عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، تحقيق علي عبد الواحد وافي، ج2، ط3، (القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر، من دون تحديد سنة الطبع)، ص. 482.
[10] المرجع نفسه، ص484.
[11] حسنين توفيق ابراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1990)، شوهد في 15/05/2020 في: https://bit.ly/3jSdxHD، ص. 40.
[12] أدونيس العكرة وآخرون، “عنف”، ط 1، (بيروت: الموسوعة الفلسفية العربية، معهد الإنماء العربي، المجلد الأول، 1986)، ص. 625. شوهد في 25 يونيو 2020 في https://bit.ly/33JDSCa
[13] Michel Cornaton et al. Violences et société, Editions Economie et humanisme, (Paris: les Editions ouvrières, 1969), p.17.
[14] مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، الطبعة التاسعة، (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005)، ص. 186.
[15] المرجع نفسه، ص 186.
[16] نوال السعداوي، المرأة والجنس، الطبعة الرابعة، (الفجالة والاسكندرية: دار ومطابع المستقبل، 1990)، ص. 173.
[17] فرج عبد القادر طه، موسوعة علم النفس والتحليل النفسي: [مزودة بسير حياة وإسهامات عشرات كبار العلماء العرب و الأجانب القدامى والمعاصرين]، (الكويت: دار سعاد الصباح، 1993)، ص. 550.
[18] المرجع نفسه، ص 546-554. مثلًا العبارات الآتية: غلبة المدافع والممانع، الافتراس، الاستطالة، الاستيلاء على الملك، كبحهم من التطاول.
[19] محمد عابد الجابري، نظرية ابن خلدون في الدولة العربية، قراءة في الخطاب السياسي الخلدوني، ع37، 38، (بيروت: مجلة الفكر العربي المعاصر، 1980)، ص36.
[20] محمد جواد رضا، “ظاهرة العنف في المجتمعات المعاصرة”، عالم الفكر، العدد رقم 3، فاتح أكتوبر 1974، ص. 147. شوهد في فاتح نيسان/ أبريل 2020 في: https://bit.ly/34bGOrz
[21] عبد الرحمن العيسوي، سيكولوجيّة العنف والعدوان، (دمشق: دار الأنوار، 2000)، ص. 88.
[22] ليلى عبد الوهاب، العنف الأسريّ: الجريمة والعنف ضدّ المرأة، (دمشق، دار المدى، 2002)، ص. 16.
[23] Pierre Bourdieu, La domination masculine, (Paris, éd. Seuil, coll. Liber, 1998), p. 41.
[24] مصطفى عمر التير، “العدوان والعنف والتطرف”، المجلة العربية للدراسات الأمنية، المجلد 8، العدد 16، (حزيران/ يونيو- تموز/ يوليو 1993)، ص.42، شوهد في 15 تموز/ يوليو 2020 في: https://bit.ly/2IJlEZt
[25] منظمة الصحة العالمية، “العنف الممارس ضد المرأة”، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، شوهد في 06 نيسان/ أبريل 2020، في: https://bit.ly/2GJdLml
[26] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، إعلان ومنهاج عمل بيجين، 15 أيلول/ سبتمبر 1995، ص.60، شوهد في 06 نيسان/ أبريل 2020، في: https://bit.ly/35PnNKV
[27] حسن احجيج، نظرية العالم الاجتماعي قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو، الطبعة الأولى (الرباط: مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، 2018)، ص 192-193.
[28] السعداوي، ص. 181.
[29] UNICEF, « La situation des enfants dans le monde 2007 –Femmes et enfants, le double dividende de l’égalité des sexes », p. 24, 2006, consulté le 22 juin 2020 dans: https://uni.cf/3k54naI
« Des études réalisées dans certains des plus grands pays du monde en développement […] révèlent une corrélation étroite entre la violence à l’égard des femmes et la violence à l’égard des enfants. »
[30] بدر إبراهيم الشيباني، سيكولوجية النمو، ط1 (الكويت: المخطوطات والتراث والوثائق، 2000)، ص.
[31] المندوبية السامية لتخطيط،، “بلاغ المندوبية السامية بمناسبة الحملة الوطنية والدولية للتعبئة من أجل القضاء على العنف ضد النساء”، ص. 2، شوهد في 22 آب/ أغسطس 2020 في:.https://bit.ly/36Y2Ak9
[32] المندوبية السامية لتخطيط، ” بحث حول تأثير جائحة كورونا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي و النفسي للأسر” ص 14. شوهد في 12 تموز/ يوليو 2020 في: https://bit.ly/3nJWfyJ
[33] Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), Guidelines to Estimate the Economic Cost of Domestic Violence in the Arab Region, United Nations, (Beirut, 2019), p. v, accessed on 22/08/2020, at https://bit.ly/3dqi7KR
[34] قناة الحدث، المغرب يعلن التعبئة لمحاربة العنف ضد النساء في الحجر الصحي المنزلي، 18 أيار/ مايو 2020، شوهد في 27 أيار/ مايو 2020، في: https://bit.ly/2SXcxGc
[35] Médi1 TV، رئاسة النيابة العامة: تعليمات جديدة لمكافحة العنف ضد المرأة خلال الحجر الصحي، 30 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 05 أيار/ مايو 2020 في https://bit.ly/318ivbX
[36] عادل نجدي، ألف جريمة عنف ضد المغربيات في الحجر والأزواج يتصدرون، العربي الجديد، 05 حزيران/ يونيو 2020، شوهد في 13 حزيران/ يونيو 2020 في: https://bit.ly/3dk1PTP
[37] Boulares، Hana، جمعيتي JAMAITY، ندوة افتراضية لمتابعة قضية العنف المسلط ضد المرأة خلال الحجر الصحي الإجباري يوم الأربعاء 13 أيار/ مايو تحت عنوان “الصعوبات التي تتعرض لها النساء ضحايا العنف منذ بداية الحجر الصحي”، 15 أيار/ مايو 2020، شوهد في 24 أيار/ مايو في https://bit.ly/3iRZPmF
[38] المختار الهراس، “تحولات القيم في الأسرة المغربية”، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، 02/03/2015، شوهد في 18/03/20 في: https://bit.ly/2SO6fJ9
[39] مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، الطبعة التاسعة، (الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 2005)، ص. 200.
[40] السعداوي، ص. 161-162.
[41] المرجع نفسه، ص. 192.
[42] University of Missouri-Columbia. “Spanking can be detrimental for children’s behavior, even 10 years later.” ScienceDaily, ScienceDaily, 31 July 2017, accessed on 16/07/2020, at https://bit.ly/3jDdXkb
[43] Nations unies, « Objectifs du millénaire pour le développement: Rapport 2015 », (New York, 2015), p. 4, consulté le 29 avril 2020 au https://bit.ly/2HKmFjQ
[44] Programme des Nations Unies pour le développement, « Indices et indicateurs de développement humain », Ceriscope, https://bit.ly/3kTtYnP,
[45] PNUD, « Rapport mondial sur le développement humain 1998 », éd. Economica, (Paris, 1998), pp. 28-32, consulté le 14/08/2020 au https://bit.ly/3jK6O1r
[46] Charles Booth, The Inhabitants of Tower Hamlets (School Board Division), Their Condition and Occupations, (Great-Britain Wiley-Blackwell, 1887), Journal of the Royal Statistical Society, vol. 50, n° 2, p. 328.
[47] المندوبية السامية للتخطيط، بلاغ بمناسبة الحملة الوطنية والدولية للتعبئة من أجل القضاء على العنف ضد النساء، شوهد في 17/ 06/ 20 في: https://bit.ly/36Y2Ak9
[48] المرجع نفسه.
[49] المرجع نفسه.
[50] المرجع نفسه
[51] المرجع نفسه
[52] المرجع نفسه
[53] أحمد مدياني “بالأرقام.. فيدرالية رابطة حقوق النساء تكشف حصيلة رصد العنف ضد المرأة في زمن الحجر الصحي”، TELQUEL عربي، 27 نيسان/ أبريل 2020، شوهد في 08/ 05/ 2020 في: http://bit.ly/2Fi5O6N
[54] Phumzile Mlambo-Ngcuka, la violence à l’égard des femmes, cette pandémie fantôme, 6 avril 2020, consulté le 07/08/2020 dans: https://bit.ly/30ZLsa4
[55] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، إعلان ومنهاج عمل بيجين، 15 أيلول/ سبتمبر 1995، ص.2، شوهد في 06 نيسان/ أبريل 2020، في: https://bit.ly/35PnNKV
[56] وكالة المغرب العربي للأنباء، »المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.. مشروع ملكي في خدمة الرأسمال البشري»، الرباط، 29 تموز/ يوليو 2020، شوهد في 31 تموز/ يوليو 2020، في: https://bit.ly/3iZFaNM
[57] The World Economic Forum, The global gender gap report (Cologny/Genève, 2018), p. 11, consulté le 15/07/2020 dans: https://bit.ly/2H65E2Q
[58] منظمة مغربية تأسست سنة 1993، وتتشكل من عدد من الجمعيات الوطنية والجهوية.
[59] شبكة نساء متضامنات تأسست سنة 2006 وهي شبكة كبرى تضم جمعيات ذات بعد وطني وجهوي ومحلي.
[60] فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة نساء متضامنات، تقرير بشأن الوضع الحقوقي للنساء المغربيات 25 سنة بعد مؤتمر بيجين التقرير، تشرين الأول/ أكتوبر2019، ص. 4، شوهد في 20 تموز/ يوليو 2020، في: https://bit.ly/2FriOqM
[61] المرجع نفسه، ص. 4.
[62] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، التقرير السنوي 2018، ص71، الرباط، شوهد في 08/ 06/ 2019 في: https://bit.ly/34SptTC
[63] Human Rights Watch, lettre adressée à la Ministre de la Solidarité, de la femme, de la famille et du développement social et au Ministre de la Justice et des Libertés, le 16 février 2016, New York, p. 8, consulté le 28 septembre 2020, dans https://bit.ly/353Kjzr